التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ
١٣١
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ
١٣٢
وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ
١٣٣
وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ
١٣٤
قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ
١٣٥
-طه

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ { زهرة } - بفتح الهاء - يعقوب. وقرأ الباقون بسكونها، وهما لغتان. وقرأ نافع وابو جعفر - من طريق إبن العلاف - وأهل البصرة وحفص { أولم تأتهم } بالتاء. الباقون بالياء. وقد مضى نظائره.
نهى الله تعالى نبيه محمداً (صلى الله عليه وسلم) والمراد به جميع المكلفين عن ان يمدوا أعينهم، وينظروا إلى ما متع الله الكفار به، من نعيم الدنيا ولذاتها، والامتاع الالذاذ بما يدرك، وذلك بما يرى من المناظر الحسنة ويسمع من الاصوات المطربة، ويشم من الروائح الطيبة، يقال: أمتعه إمتاعاً، ومتعه تمتيعاً، إلا ان فى متعه تكثر الامتاع.
وقوله { أزواجاً منهم } معناه أشكالا منهم، من المزاوجة بين الاشياء، وهي المشاكلة، وذلك أنهم اشكال في الذهاب عن الصواب.
وقوله { زهرة الحياة الدنيا } فالزهرة الأنوار التي تروق عند الرؤية، ومن ذلك قيل للكوكب يزهر، لنوره الذي يظهر. والمعاني الحسنة زهرة النفوس.
وقوله { لنفتنهم فيه } معناه لنعاملهم معاملة المختبر، بشدة التعبد فى العمل بالحق فى هذه الأمور التي خلقناها لهم.
وقوله { ورزق ربك } يعني الذي وعدك به فى الآخرة من الثواب { خير وأبقى } مما متعنا به هؤلاء فى الدنيا.
وقيل إن هذه الآية نزلت على سبب، وذلك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استسلف من يهودي طعاماً فأبى أن يسلفه إلا برهن، فحزن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأنزل الله هذه الآية تسلية له. وروى ذلك أبو رافع مولاه.
وقيل { زهرة الحياة الدنيا } زينة الحياة الدنيا - فى قول قتادة -.
ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وسلم) { وأمر } يامحمد { أهلك بالصلاة } وقيل: المراد به أهل بيتك، واهل دينك، فدخلوا كلهم في الجملة { واصطبر عليها } بالاستعانة بها على الصبر عن محارم الله. ثم قال له { لا نسألك رزقاً نحن نرزقك } الخطاب للنبي (صلى الله عليه وسلم) والمراد به جميع الخلق، فان الله تعالى يرزق خلقه، ولا يسترزقهم، فيكون أبلغ فى المنة { والعاقبة للتقوى } يعني العاقبة المحمودة لمن اتقى معاصي الله واجتنب محارمه.
وفى الآية دلالة على وجوب اللطف، لما فى ذلك من الحجة، لمن في المعلوم انه يصلح به، ولو لم يكن فيه حجة لجرى مجرى أن تقول: لولا فعلت بنا ما لا يحتاج اليه فى الدين، ولا الدنيا، من جهة أنه لا حجة فيه، كما لا حجة فى هذا.
وقوله { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله } اخبار منه تعالى أنه لو أهلكهم بعذاب أنزله عليهم جزاء على كفرهم { لقالوا } يوم القيامة { لولا أرسلت } اي هلا ارسلت { إلينا رسولاً } يدعونا الى الله ويأمرنا بتوحيده { فنتبع } ادلتك و { آياتك من قبل أن نذل ونخزى } اي قبل أن نهون، يقال: خزي يخزى اذا هان وافتضح.
وقوله { وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه } حكاية عما قال الكفار للنبي (صلى الله عليه وسلم) هلا ياتينا بآية من ربه يريدون الآية التي يقترحونها، لأنه اتى بالآيات. ومن قرأ - بالتاء - وجه الخطاب اليه. ومن قرأ - بالياء - حكى بأنهم قالوا فيما بينهم هلا يأتينا بالمعجز. او دلالة تدل على صدق قوله، فقال الله لهم { أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى } يعني ألسنا بينا ذلك فى الكتب التي انزلناها على موسى وعيسى، فلم لم يؤمنوا بها ولم يصدقوا بها؟ ومن قرأ - بالتاء - وجه الخطاب اليه، فقال الله تعالى لنبيه { قل } لهم يا محمد { كل متربص } اي كل واحد منا ومنكم متربص، فنحن نتربص بكم وعد الله لنا فيكم وانتم تتربصون بنا ان نموت، فتستريحوا { فستعلمون } اي سوف تعلمون فيما بعد { من أصحاب الصراط السوي } يعني الصراط المستقيم و (من) الذي { اهتدى } الى طريق الحق. و { من } يحتمل ان تكون نصباً إن كانت بمعنى الذي وان تكون رفعاً على طريقة الاستفهام.