التفاسير

< >
عرض

فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ
١٦
وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ
١٧
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ
١٨
قَالَ أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ
١٩
فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ
٢٠
-طه

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قوله { فلا يصدنك عنها } نهي متوجه الى موسى من الله تعالى والمراد به جميع المكلفين، نهاهم الله ان يصدهم عن ذكر الساعة، والمجازاة فيها من لا يصدق بها من الكفار. و { الصدّ } الصرف عن الخير يقال: صده عن الايمان وصده عن الحق، ولا يقال: صده عن الشر، ولكن يقال: صرفه عن الشر، ومنعه منه.
وقوله { واتبع هواه } يعني من لا يؤمن بالقيامة و { الهوى } ميل النفس الى الشيء بأريحية تلحق فيه. وهواء الجو ممدود، وهوى النفس مقصور.
وقوله { فتردى } معناه فتهلك، يقال: ردي يردى ردى، فهو رد. إذا هلك، أي ان صددت عن الساعة بترك التأهب لها هلكت، وتردّى هلك بالسقوط.
وقوله { وما تلك بيمينك يا موسى } قال الفراء: { تلك } تجري مجرى (هذه) وهي بمعنى الذي و { بيمينك } صلته وتقديره، وما الذي بيمينك يا موسى وأنشد:

عدس ما لعباد عليك امارة أمنت وهذا تحملين طليق

يعني الذي تحملين. وهو فى صورة السؤال لموسى عما في يده اليمنى. والغرض بذلك تنبيهه له عليها ليقع المعجز بها بعد التثبت فيها، والتأمل لها.
وقوله { قال هي عصاي } جواب من موسى ان الذي فى يدي { عصاي أتوكؤ عليها } فى مشيي { وأهش بها على غنمي } اي اخبط بها ورق الشجر اليابس لترعاه غنمي يقال: هش يهش هشاً: قال الراجز:

أهش بالعصا على اغنامي من ناعم الاراك والبشام

{ ولي فيها مآرب أخرى } اي حوائج أخر من قولهم: لا أرب لي في هذا أي لا حاجة. وللعرب في واحدها ثلاث لغات: مأربة بضم الراء وفتهحا وكسرها.
وقوله { قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى } حكاية عما امر الله تعالى موسى بأن يلقى العصا من يده وأن موسى القاها، فلما ألقاها صارت فى الحال حية تسعى، خرق الله العادة فيها وجعلها معجزة ظاهرة باهرة.