التفاسير

< >
عرض

قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلأُولَىٰ
٢١
وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ آيَةً أُخْرَىٰ
٢٢
لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ
٢٣
ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ
٢٤
قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي
٢٥
-طه

التبيان الجامع لعلوم القرآن

اخبر الله تعالى أن العصا حين صارت حية تسعى خاف موسى منها فقال الله له { خذها } يا موسى فانا { سنعيدها } الى ما كانت اول شيء فى يدك عصى. ومعنى { خذها } تناولها بيدك. و (الخوف) انزعاج النفس بتوقع الضرر، خافه خوفاً، فهو خائف وذاك مخوف. وضد الخوف الأمن، ومثل الخوف الفرغ والذعر، والاعادة ردّ الشيء ثانية الى ما كان عليه أول مرة. ومثل الاعادة التكرير والترديد. والمعنى سنعيدها خلقتها الاولى، وقد يقال: الى سيرتها. والسيرة مرور الشيء في جهة، من سار يسير سيرة حسنة او قبيحة. وكان مستمر على حال العصا فاعيدت الى تلك الحال. ونظير السيرة الطريقة. وقيل المعنى سنعيدها الى سيرتها، فانتصب باسقاط الخافض.
وقوله { واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء } قيل فى معناه قولان: احدهما - الى جنبك، قال الراجز:

اضمه للصدر والجناح

الثاني - الى عضدك واصل الجنوح الميل، ومنه جناح الطائر، لانه يميل به فى طيرانه حيث شاء. والجنب فيه جنوح الاضلاع. واصل العضد من جهته تميل اليد حيث شاء صاحبها. وقال ابو عبيدة: الجناحان الناحيتان.
وقوله { تخرج بيضاء من غير سوء } اي من غير برص - في قول ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة والسدي والضحاك - وقوله { آية أخرى } قيل في نصبها قولان: احدهما - على الحال. والاخر على المفعولية، اي نعطيك آية أخرى، فحذف لدلالة الكلام عليه، فالآية الاولى قلب العصا حية والاخرى اليد البيضاء من غير سوء. وقيل انه امره ان يدخل يده في فمها فيقبض عليها، فادخل يده في فمها فصارت يده بين الشعبتين اللتين كانتا في العصا، وصارت الحية فى يده عصاً كما كانت.
وقوله { لنريك من آياتنا الكبرى } معناه قلب العصا حية لنريك من آياتنا وحججنا الكبرى منها، ولو قال الكبر على الجمع كان وصفاً لجميع الآيات، وكان جائزاً.
ثم قال تعالى له { إذهب إلى فرعون } اي امض اليه وادعه الى الله، وخوفه من عقابه، فانه طغى، أي تجاوز قدره في عصيان الله، وتجاوز به قدر معاصي الناس، يقال: طغى يطغى طغياناً، فهو طاغ، ونظيره البغي على الناس، وهم الطغاة والبغاة. فقال عند ذلك موسى يا { رب اشرح لي صدري } اى وسع لي صدرى، ومنه شرح المعنى اى بسط القول فيه.