التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ
٥٦
قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ
٥٧
فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى
٥٨
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى
٥٩
فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ
٦٠
-طه

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قوله { ولقد أريناه آياتنا كلها } تقديره أريناه آياتنا التي اعطيناها موسى واظهرناها عليه { كلها } لما يقتضيه حال موسى (ع) معه، ولم يرد جميع آيات الله التي يقدر عليها، ولا كل آية خلقها الله، لان المعلوم أنه لم يرد به جميعها. وقوله { فكذب وأبى } معناه نسب الخبر الذي أتاه الى الكذب { وأبى } امتنع مما دعي اليه من توحيد الله واخلاص عبادته والطاعة لما أمر به. وقال فرعون لموسى { أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك ياموسى } والسحر حيلة يخفى سببها ويظن بها المعجزة، ولذلك يكفر المصدق بالسحر، لانه لاَ يمكنه العلم بصحة النبوة مع تصديقه بأن الساحر يأتي بسحره بتغيير الثابت. ثم قال فرعون لموسى { فلنأتينك } يا موسى { بسحر } مثل سحرك { فاجعل بيننا وبينك موعداً لا نخلفه نحن ولا أنت مكاناً سوى } اي عدنا مكاناً نجتمع فيه ووقتا نأتي فيه { مكاناً سوى } أي مكاناً عدلا بيننا وبينك - في قول قتادة والسدي - وقيل معناه مستوياً يتبين الناس ما بيننا فيه - ذكره ابن زيد - وقيل: معناه يستوي حالنا في الرضا به. وفيه إذا قصر لغتان - كسر السين، وضمها - وإذا فتحت السين مددته نحو قوله { { إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } ومثله عدى وعدى. وطوى وطوى، وثنى وثنى. وقال ابو عبيدة: { سوى } النصف والوسط قال الشاعر:

وإن ابانا كان حل ببلدة سوى بين قيس قيس غيلان والفزر

قيس وفزر قبيلتان هنا. والفزر القطيع من الشاء. والقيس القردة. والقيس مصدر قاس خطاه قيساً إذا سوى بينها. ويقال جارية تميس ميساً وتقيس قيساً، فمعنى تميس تتبختر. وسأل رجل اعرابياً: ما اسمك قال محمد، قال: والكنية، قال: ابو قيس. قال قبحك الله اتجمع بين اسم النبي والقرد.
وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة { سوى } بضم السين، الباقون بالكسر.
فقال له موسى { موعدكم يوم الزينة } وهو يوم عيد كان لهم - فى قول قتادة وابن جريج والسدي وابن زيد وابن اسحاق - وقال الفراء { يوم الزينة } يوم شرف كانوا يتزينون بها. وقوله { وأن يحشر الناس ضحى } يحتمل أن يكون فى موضع رفع، وتقديره موعدكم حشر الناس. ويحتمل ان يكون فى موضع جر وتقديره يوم يحشر الناس.
وقوله { فتولى فرعون } أي اعرض عن موسى على هذا الوعد { فجمع كيده } من السحر و { اتى } يوم الموعد. وقرأ هبيرة عن حفص عن عاصم { يوم } بفتح الميم على الظرف. الباقون بضمها على أنه خبر { موعدكم } فجعلوا الموعد هو اليوم بعينه.