التفاسير

< >
عرض

ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ
٥٦
وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيٰتِنَا فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
٥٧
وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوۤاْ أَوْ مَاتُواْ لَيَرْزُقَنَّهُمُ ٱللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ
٥٨
لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ
٥٩
ذٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
٦٠
-الحج

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابن عامر { ثم قتلوا } بالتشديد. الباقون بالتخفيف. من شدد أراد التكثير. ومن خفف، فلأنه يحتمل القليل والكثير.
يقول الله تعالى إن الملك فى اليوم الذي وصفه بأنه "عقيم" وانه لا مثل له فى عظم الاهوال، فيه الملك لله تعالى وحده. لا ملك لاحد معه. وانما خص ذلك به، لأن فى الدنيا قد ملك الله تعالى أقواماً أشياء كثيرة. والملك اتساع المقدور لمن له تدبير الأمور، فالله تعالى يملك الأمور لنفسه، وكل مالك سواه، فانما هو مملك له بحكمه، اما بدليل السمع او بدليل العقل.
وقوله { يحكم بينهم } أي يفصل فى ذلك اليوم بين الخلائق، وينصف بينهم فى الحكم، والحكم الخبر بالمعنى الذي تدعو اليه الحكمة، ولهذا قيل: الحكم له، لأن كل حاكم غيره، فانما يحكم باذنه واعلام من جهته إما من جهة العقل او جهة السمع.
ثم اخبر تعالى ان { الذين آمنوا } اي صدقوا بواحدنيته، وصدقوا أنبياءه { وعملوا الصالحات } التي أمر الله بها انهم { في جنات النعيم } منعمين فيها. { وإن الذين كفروا } اي جحدوا ذلك { وكذبوا } بآيات الله، فان لهم عذاباً مهيناً، يهينهم ويذلهم. والهوان الاذلال بتصغير القدر، ومثله الاستخفاف والاحتقار، أهانه يهينه إهانة فهو مهان مذلل.
وقيل نزلت الآية في قوم من المشركين أتوا جماعة من المسلمين، فقاتلوهم في الاشهر الحرم بعد ان نهاهم المسلمون عن ذلك، فأبوا، فنصروا عليهم. وقيل إن النبي (صلى الله عليه وسلم) عاقب بعض المشركين لما مثلوا بقوم من اصحابه يوم أحد.
وقوله { والذين هاجروا في سبيل الله } يعني الذين خرجوا من ديارهم واوطانهم بغضاً للمشركين الذين كانوا يؤذونهم بمكة { ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقاً حسناً } يعني الجنة { وإن الله لهو خير الرازقين } ثم اقسم تعالى انه ليدخلن هؤلاء المهاجرين في سبيل الله الذين قتلوا { ليدخلنهم مدخلا يرضونه } ويؤثرونه يعني الجنة، وما فيها من انواع النعيم. وقرأ نافع "مدخلا" بفتح الميم، يريد المصدر او اسم المكان، وتقديره: ليدخلنهم فيدخلون مدخلا يرضونه أو مكاناً يرضونه. والباقون بضم الميم وهو الأجود، لانه من ادخل يدخل مدخلا لقوله
{ { وأدخلني مدخل صدق } وإن الله لعليم بأحوالهم، حليم عن معاجلة الكفار بالعقوبة.
وقوله { ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله } قيل نزلت فى قوم من المشركين لقوا جماعة من المسلمين فقاتلوهم في الاشهر الحرم بعد أن نهاهم المسلمون عن ذلك، فأبوا. فنصروا عليهم. وقيل: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) عاقب بعض المشركين لما مثلوا بقوم من أصحابه يوم أحد، والأول لم يكن عقوبة، وإنما هو كقولهم الجزاء بالجزاء. والاول ليس بجزاء، وانما هو لازدواج الكلام.