التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ
٨
وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ
٩
أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ
١٠
ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١١
-المؤمنون

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابن كثير وحده { لأمانتهم } على التوحيد. الباقون { لأماناتهم } على الجمع، لقوله { { إن الله يأمركم أن تؤدوا الآمانات إلى أهلها } وقرأ ابن كثير ذلك اختياراً ليطابق قوله { وعهدهم }. وقرأ حمزة والكسائي { على صلاتهم } على التوحيد، لان الصلاة اسم جنس يقع على القليل والكثير، فكذلك قوله { أمانتهم } والاصل فيه المصدر كالعمل. الباقون { صلواتهم } على الجمع، ومن جمع جعله بمنزلة الاسم، لاختلاف انواعها، لقوله { { حافظوا على الصلوات } قال ابو علي النحوي: الجمع أقوى، لأنه صار اسماً شائعاً شرعياً، وقد بينا الوجه فيه.
ثم زاد الله تعالى في صفات المؤمنين الذين وصفهم بالفلاح فقال { والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون } ومعناه الذين يراعون الأمانات التي يؤتمنون عليها ولا يحزنون فيها، ويحفظون ما يعاهدون عليه من الأيمان والنذور، فلا يحنثون ولا ينكثون. والمراعات قيام الراعي باصلاح ما يتولاه. ثم قال { والذين هم على صلواتهم يحافظون } أي لا يضيعونها. ويواظبون على أدائها. وفى تفسير أهل البيت إن معناه: الذين يحافظون على مواقيت الصلوات فيؤدونها فى أوقاتها، ولا يؤخرونها حتى يخرج الوقت. وبه قال مسروق وجماعة من المفسرين. وانما أعيد ذكر الصلاة - ها هنا - لأنه أمر - ها هنا - بالمحافظة عليها، كما امر بالخشوع فيها، في ما تقدم، كما أعيد ذكر الفلاح، لانه يجب بالخصال المذكورة بعده كما وجب فى - سورة البقرة - بالخصال المذكورة قبله.
ثم اخبر تعالى عمن اجتمعت فيه هذه الخصال، فقال { أولئك هم الوارثون } وقيل في معناه قولان:
احدهما - انه يؤل أمره الى النعيم فى الجنة، ويملك ما يعطيه الله، كما يؤل أمر الواورث
الثاني - روى أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال
"ما منكم أحد إلا وله منزلان منزل فى الجنة ومنزل فى النار، فان مات على الضلال ورث منزله أهل الجنة، وإن مات على الايمان، ورث هو منزل اهل النار" . وقال مجاهد: يهدم منزله فى النار،
ثم وصف الله تعالى الوارثين، فقال { الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون } وحقيقة الارث ملك ما يتركه الميت لمن بعده، ممن هو أولى به فى حكم الله، فهذا أصله، ثم يشبه به، فيقال: ورث فلان علم فلان أي صار اليه، ومعنى { يرثون الفردوس } اي يصيرون اليها بعد الاحوال المتقدمة. والفردوس البستان الذي يجمع محاسن النبات. وقيل اصله رومي. وقيل: بل هو عربي ووزنه (فعلول) وقيل الفردوس البستان. الذي فيه كرم قال جرير:

ما بعد يبرين ما باب الفراديس

وقال الجبائي { يرثون الفردوس } على التشبيه بالميراث المعروف من جهة الملك الذي ينتهي اليه أمره.