التفاسير

< >
عرض

وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ
٧١
أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ
٧٢
وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٧٣
وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ
٧٤
وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
٧٥
-المؤمنون

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابن كثير وابو عمرو، ونافع، وعاصم "خرجاً" بلا ألف "فخراج" بألف. وقرأ حمزة والكسائي { خراجاً فخراج } بالالف فيهما. وقرأ ابن عامر "خرجاً فخرج" بلا ألف فيهما.
معنى قوله { ولو اتبع الحق أهواءهم } ان الحق لما كان يدعو الى الافعال الحسنة. والاهواء تدعو إلى الافعال القبيحة، فلو اتبع الحق داعي الهوى لدعاه الى قبيح الاعمال والى ما فيه الفساد والاختلاط، ولو جرى الامر على ذلك { لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن } ووجه فساد العالم بذلك: انه يوجب بطلان الادلة وامتناع الثقة بالمدلول عليه، وانه لا يؤمن وقوع الظلم، الذي لا ينصف منه، وتختلط الامور أقبح الاختلاط ولا يوثق بوعد، ولا وعيد، ولا يؤمن إنقلاب عدل الحكيم. وهذا معنى عجيب. وقال قوم من المفسرين: إن الحق - فى الآية - هو الله والتقدير: ولو اتبع الحق أعني الله أهواء هؤلاء الكفار، وفعل ما يريدونه لفسدت السموات والارض. وقال الجبائي: المعنى لو اتبع الحق - الذى هو التوحيد - أهواءهم فى الاشراك معه معبوداً سواه، لوجب ان يكون ذلك المعبود مثلا له ولصح بينهما الممانعة، فيؤدي ذلك الى الفساد، كما قال تعالى
{ { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } }. والهوى ميل النفس الى المشتهى من غير داعي الحق، كما قال تعالى { { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى } فلا يجوز لاحد أن يفعل شيئاً لانه يهواه. ولكن يفعله لانه صواب، على انه يهواه أو لانه يهواه مع أنه صواب حسن جائز. وقال ابو صالح. وابن جريج: الحق هو الله، وقال الجبائي معنى { ولو اتبع الحق أهواءهم } فيما يعتقدون من الآلهة { لفسدت السماوات والأرض } كقوله { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا }.
وقوله { بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون }. قال ابن عباس: معنى الذكر البيان للحق. وقال غيره: الذكر الشرف. كقوله
{ { وإنه لذكر لك ولقومك } وكل ذلك يراد به القران.
ثم قال { أم تسألهم } يا محمد { خرجاً } أي اجراً على العمل - فى قول الحسن - وأصل الخرج والخراج واحد، وهو الغلة التي تخرج على سبيل الوظيفة منه. ومنه خراج الارض، وهما مصدران لا يجمعان. ثم قال { فخراج ربك } أي أجر ربك { خير وهو خير الرازقين } يعني الله خير من يرزق. وفى ذلك دلالة على أن غير الله قد يرزق باذنه، ولولا ذلك لم يجز { خير الرازقين }.
ثم قال لنبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) { وإنك } يا محمد { لتدعوهم } أي هؤلاء الكفار { إلى صراط مستقيم } من التوحيد، واخلاص العبادة، والعمل بالشريعة { وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة } يعني من لا يصدقون بالبعث يوم القيامة { عن الصراط } صراط الحق { لناكبون } أي عادلون عن دين الحق. وقال الجبائي: معناه لناكبون فى الآخرة عن طريق الجنة، بأخذهم يمنة ويسرة إلى النار.
ثم قال تعالى { ولو رحمناهم } في الاخرة ورددناهم الى دار الدنيا، وكلفناهم فيها { للجوا في طغيانهم يعمهون } كما قال
{ { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } وقال ابن جريج يريد فى الدنيا أي { لو أنا رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر } وجوع ونحوه { للجوا في طغيانهم } أي فى غوايتهم { يعمهون } أي يترددون.