التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً
٧
أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً
٨
ٱنظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً
٩
تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً
١٠
-الفرقان

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ حمزة والكسائي { نأكل } بالنون. الباقون بالياء. وقرأ ابن كثير وابن عامر وابو بكر عن عاصم { ويجعل لك قصوراً } بالرفع. الباقون بالجزم. من قرأ { يأكل } بالياء أراد النبي (صلى الله عليه وسلم) فانهم كرهوا أن يكون نبي من قبل الله يأكل الطعام ويمشي فى الاسواق، وقالوا: هلا كان معه ملك؟ فيكون معه معيناً مخوفاً لعباده { وداعياً } لهم. ومن قرأ بالنون اراد: نأكل نحن، فيكون له بذلك مزية علينا فى الفضل بأكلنا من جنته. ومن جزم { ويجعل } عطفه على موضع { جعل } لأن موضع { جعل } جزم، لانه جزاء الشرط، فعطف { ويجعل } على الموضع كما قرأ من قرأ قوله { { من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم } بالجزم ومن رفع استفأنفه وقطعه عن الأول، كمن قرأ { ويذرهم } بالرفع.
حكى الله تعالى عن هؤلاء الكفار الذين وصفهم أنهم قالوا أي شيء { لهذا الرسول يأكل الطعام } كما نأكل { ويمشي في الأسواق } في طلب المعاش، كما نمشي { لولا أنزل إليه } ومعناه هلا أنزل الله عليه ملكاً ان كان صادقاً، فيكون معيناً له على الانذار والتخويف. وإن لم ينزل اليه ملك، هلا { يلقى إليه كنز } يستغني به ويكون عوناً له على دنياه وما يريده { أو تكون له جنة } اي بستان { يأكل منها } هو نفسه. ومن قرأ - بالنون - اراد نأكل نحن معه، ونتبعه.
ثم حكي: ان الظالمين نفوسهم بارتكاب المعاصي والكفر، قالوا لأتباعهم ومن سمع منهم { إن تتبعون } اي ليس تتبعون إن تبعتموه { إلا رجلاً مسحوراً } وقيل إنما يخاطبون بذلك المؤمنين المقرين بنبوته، ليصرفوهم عنه. ومعنى { مسحوراً } انه قد سحر. والسحر ما خفي سببه حتى يظن انه معجز. فقال الله لنبيه (صلى الله عليه وسلم) { أنظر كيف ضربوا لك الأمثال } يعني الاشباه، لأنهم قالوا تارة: هو مسحور. وتارة مثلوه بالمحتاج المتروك، حتى تمنوا له الكنز. وتارة بأنه ناقص عن القيام بالأمور، وكل ذلك جهل منهم وذهاب عن وجه الصواب. فقال الله تعالى { فضلوا } بضرب هذه الامثال عن طريق الحق { فلا يستطيعون سبيلاً } معناه لا يستطيعون طريقاً الى الحق، مع تمسكهم بطريق الجهل وعدولهم عن الداعي الى الرشد. وقيل معناه { لا يستطيعون سبيلاً } الى ابطال امرك.
ثم قال تعالى { تبارك الذي } أي تقدس وتعاظم الله الذي { إن شاء جعل لك خيراً من ذلك } يعني مما قالوه - في قول مجاهد - ثم فسر (ذلك) فقال الذي هو خير مما قالوه { جنات تجري من تحتها الأنهار. ويجعل لك قصوراً } وهو جمع قصر، وهو البيت المشيد المبني - في قول مجاهد - وسمي القصر قصراً، لأنه يقصر من فيه عن أن يوصل اليه. ومن جزم { يجعل } عطفاً على موضع { جعل }، لأنه جواب الشرط. ومن رفع استأنف. وكان يجوز النصب على الظرف.