التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ
١٤١
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ
١٤٢
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ
١٤٣
فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ
١٤٤
وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٤٥
أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ
١٤٦
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
١٤٧
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ
١٤٨
وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ
١٤٩
فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ
١٥٠
-الشعراء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابن كثير وابو عمرو { فرهين } بغير الف. الباقون { فارهين } بألف.
حكى الله تعالى عن قوم صالح، وهم { ثمود } أنهم كذبوا المرسلين، ولم يصدقوهم فيما دعوهم اليه من توحيد الله وخلع الانداد وترك عبادة الاصنام، حتى قال لهم أخوهم في النسب صالح، وهو النبي المبعوث اليهم { ألا تتقون } الله باجتناب معصيته وترك عبادة من سواه { إني لكم رسول أمين } فالامين هو الذي استودع الشيء على من أمن منه الخيانة، فالرسول بهذه الصفة، لأنه يؤدي الرسالة، كما حملها من غير تغيير لها، ولا زيادة، ولا نقصان.
ثم أمرهم فقال { فاتقوا } عقاب { الله } باجتناب معاصيه { وأطيعون } فيما ادعوكم اليه، ولست اسألكم على ما ادعوكم اليه اجراً فيصرفكم عن القبول لانه ليس أجري وثوابي في ذلك إلا على رب العالمين الذي خلق الخلق. ثم قال لهم يا قوم { أتتركون فيما هاهنا آمنين } منكراً عليهم، فان ما هم فيه من النعم لا تبقى عليهم، وانها تزول عنهم وأن أمنهم سيؤل إلى الخوف. والامن سكون النفس إلى السلامة، وهو نقيض الخوف. وقد يكون أمناً مع العلم بالسلامة. ومع الظن القوي.
ثم عدد نعمهم التي كانوا فيها، فقال انتم { في جنات } وهي البساتين التي يسترها الشجر { وعيون } جارية { وزروع } وهو جمع زرع وهو نبات من الحب الذي يبذر في الارض: زرعه أي بذره في الارض كما يزرع البذر فالبذر المبدد في الارض على وجه مخصوص يسمى زرعاً { ونخل طلعها هضيم } فالهضيم اللطيف في جسمه، ومنه هضيم الحشا أي لطيف الحشا، ومنه هضمه حقه: إذا ما نقصه، لأنه لطف جسمه ينقصه، ومنه هضم الطعام إذا لطف واستحال إلى مشاكلة البدن. وقال ابن عباس: معنى { هضيم } أي قد بلغ واينع. وقال الضحاك: ضمر يزكون بعضه بعضاً. وقال عكرمة: هو الرطب اللين، وقال مجاهد: هو الذي اذا مس تفتت. وقال أبو عبيدة والزجاج، والفراء: هو المتداخل بعضه في بعض.
وقوله { وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين } قال ابن عباس: معناه حاذقين وقال ابن عباس ايضاً (فرهين) أشرين بطرين. وقال الضحاك: معناه عليين. وقال ابن زيد: الفره القوي. وقيل: هو الفرح المرح، كما قال الشاعر:

لا أستكين إذا ما ازمة أزمت ولن تراني بخير فاره اللبب

أي مرح اللبب. وقيل: فاره وفره مثل حاذق وحذق. والفاره النافذ في الصنعة بين الفراهة كحاذق بين الحذق، وعبد فاره نافذ في الأمور.
ثم قال لهم { فاتقوا الله } في ترك عبادته والاشراك به واجتنبوا معاصيه { وأطيعون } فيما أدعوكم اليه.