التفاسير

< >
عرض

أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ
٦١
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
٦٢
قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ
٦٣
وَقِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ
٦٤
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ
٦٥
-القصص

التبيان الجامع لعلوم القرآن

يقول الله تعالى منبهاً لخلقه على عظيم ما انعم به عليهم ورغبهم فيه من ثواب الجنه { أفمن وعدناه وعداً حسناً } يعني من ثواب الجنة جزاء على طاعاته يكون بمنزلة من متعناه متاع الحياة الدنيا؟! وقال السدي المعني بقوله { أفمن وعدناه } حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن ابي طالب عليه السلام وعدهما الله الجنة. وقيل: النصر في الدنيا والجنة في الآخرة - ذكره الضحاك ومجاهد - { كمن متعناه متاع الحياة الدنيا } يعني به أبا جهل { ثم هو يوم القيامة من المحضرين } في النار. وقيل للجزاء. وقيل: نزلت في النبي صلى الله عليه وآله وابي جهل والمتعة هي المنفعة. وقد فرق بينهما بأن المتعة منفعة توجب الالتذاذ في الحال، والنفع قد يكون بألم يؤدي إلى لذة في العاقبة، فكل متعة منفعة، وليس كل منفعة متعة. والمتاع على وجهين:
احدهما - كالادوات التي يتمتع بها من نحو الفرس، والاثاث والثياب وغيرها.
والثاني - يكون بمعنى المتعة. والمراد - ها هنا - متعة الحياة الدنيا.
وقوله - { ثم هو يوم القيامة من المحضرين } يعني من المحضرين للجزاء بالعقاب، لأنه تعالى ذكر من وعد وعداً حسناً، فدل ذلك على أهل الثواب ثم ذكر انه لا يستوي أهل الثواب وغيرهم، فدل على اهل العقاب، لبعد حال كل فريق من الفريقين عن الآخر. والاحضار إيجاد ما به يكون الشيء بحيث يشاهد، فلما كان هؤلاء القوم يوجدون يوم القيامة ما به يكرهون بحيث يشاهدهم الخلائق، كانوا محضرين. ثم قال { ويوم يناديهم } وتقديره: واذكر يوم ينادي الله الكفار، وهو يوم القيامة { فيقول } لهم على وجه التوبيخ لهم والتقريع "أين الذين" اتخذتموهم شركائي فعبدتموهم معي على قولكم وزعمكم والزعم القول في الأمر عن ظن أو علم، ولذلك دخل في باب العلم، واخواته قال الشاعر:

فان تزعميني كنت أجهل فيكم فاني شريت الحلم بعدك بالجهل

ثم حكى ان { الذين حق عليهم القول } بالعقاب: من الشياطين والانس والذين أغووا الخلق من الانس يقولون في ذلك اليوم { ربنا هؤلاء } يعني من ضل بهم من الناس واتخذوا شركاء من دون الله هم { الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون } اي تبرأ بعضهم من بعض، وصاروا أعداء. ويقولون لم يكن الانس يعبدوننا. ثم حكى الله فقال { وقيل } لهم { ادعوا شركاءكم } الذين عبدتموهم من دون الله. ثم حكى انهم يدعونهم { فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون } وقيل في معناه قولان:
احدهما - لو أنهم كانوا يهتدون ما رأوا العذاب.
والثاني - لو كانوا يهتدون لرأوا العذاب.
ثم قال { ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين } فيما دعوكم اليه من توحيد الله وعدله واخلاص العبادة له.