التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ
١٠٨
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى:
قال الفراء معنى { تلك آيات الله نتلوها عليك } أي مواعظه وحججه ومعنى { نتلوها } أي نقرأها عليك. والفرق بين تلك، وهذه أن تلك إشارة إلى ما هو بعيد فجازت الاشارة بها إليه لانقضاء الآية وصلح هذه لقربها في التلاوة، ولو كانت بعيدة لم يصلح أحدهما مكان الآخر. وانما قال { آيات الله نتلوها عليك بالحق } فقيده { بالحق }، لأنه لما حقق الوعيد بأنه واقع لا محالة نفى عنه حال الظلم كعادة أهل الخير، ليكون الانسان على بصيرة في سلوك الضلالة مع الهلاك أو الهدى مع النجاة، ومعنى { نتلوها عليك بالحق } أي معاملتي حق، ويحتمل أن يكون المراد { نتلوها } المعنى الحق، لأن معنى التلاوة حق من حيث يتعلق معتقدها بالشيء على ما هو به.
اللغة، والمعنى:
والفرق بين تلوت عليه، وتلوت لديه أن عليه يدل على إقرار التلاوة، لأن معنى عليه استعلاء الشيء، فهي تنبىء عن استعلائه بالظهور للنفس، كما يظهر لها بعلو الصوت وليس كذلك لديه، لأن معناه عنده. وفي الآية دلالة على فساد قول المجبرة: أن الله تعالى يريد الظلم، لأنه لو أراد ظلم بعضهم لبعض، لكان قد أراد ظلمهم وكذلك لو أراد ظلم الانسان لغيره، لجاز أن يريد أن يظلمه هو، لأنه لا فرق بينها في القبح، ويدل أيضاً على أنه لا يفعل ظلمهم، لأنه لا يفعل ما لا يريده.
وقوله: { وما الله يريد ظلماً للعالمين } فيه نفي لأرادة ظلمهم على كل حال بخلاف ما يقولونه.