التفاسير

< >
عرض

وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ
١٠٩
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

النظم:
وجه اتصال هذه الآية بما قبلها، وجه اتصال الدليل بالمدلول عليه، لأنه لما قال: { وما الله يريد ظلماً للعالمين } وصله بذكر غناه عن الظلم إذ الغني عنه العالم بقبحه، ومعناه لا يجوز وقوعه منه.
المعنى:
وقوله: { وإلى الله ترجع الأمور } لا يدل على أن الامور كانت ذاهبة عنه، لأمرين:
أحدهما - لأنها بمنزلة الذاهبة بهلاكها وفنائها ثم اعادتها، لأنه تعالى يعيدها للجزاء على الاعمال والعوض على الآلام.
والثاني - لأنه قد ملك العباد كثيراً من التدبير في الدنيا فيزول جميع ذلك في الآخرة ويرجع إليه كله. وقوله: { ولله ما في السماوات } معناه ولله ملك ما في السماوات. والملك: هو ماله أن يتصرف فيه. ولا يجوز أن يقول مكان ذلك ولله خلق ما في السماوات، لأن ذلك يدخل فيه معاصي العباد، والله تعالى منزه عنها والآية خرجت مخرج التعظيم لله تعالى، وذكر عظيم المدح.
وفي وقوع المظهر بموقع المضمر في قوله: { وإلى الله ترجع الأمور } فيه قولان:
أحدهما - ليكون كل واحد من الكلامين مكتفياً بنفسه.
والثاني - لأن المظهر في اسم الله تعالى أفخم في الذكر من المضمر وصفة ملكه موضع تفخيم، وليس كقول الشاعر

لا أرى الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرا

لأن البيت مفتقر إلى الضمير والآية مستغينة عنه وإنما احتاج البيت إليه، لأن الخبرالذي هو جملة لا يتصل بالمخبر عنه إلا بضمير يعود إليه. (وما) تقع على ما يعقل وما لا يعقل إذا ذهب به مذهب الجنس، فما يعقل داخل فيه حقيقة ولو قال بدلا منه ولله من في السماوات بلفظة (من) لما دخل فيه إلا العقلاء أو الكل على جهة التغليب دون الحقيقة.