التفاسير

< >
عرض

وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ
١١٥
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة والحجة والاعراب:
قرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر بالياء فيهما. الباقون بالتاء إلا أبا عمرو، فانه كان يخير، ووجه القراءة بالياء أن يكون كناية عمن تقدم ذكره من أهل الكتاب ليكون الكلام على طريقة واحدة، ووجه التاء أن يخلطهم بغيرهم من المكلفين، ويكون خطاباً للجميع في أن حكمهم واحد.
وإنما جوزي بـ (ما) ولم يجاز بـ (كيف) لأن (ما) أمكن من (كيف) لانها تكون معرفة ونكرة، لانها للجنس و (كيف) لا تكون إلا نكرة، لأنها للحال, والحال لا تكون إلا نكرة، لأنها للفائدة.
اللغة والمعنى:
وقوله: { فلن يكفروه } مجاز كما أن الصفة لله بأنه شاكر مجاز. وحقيقته أنه يثيب على الطاعة ثواب الشاكر على النعمة، فلما استعير للثواب الشكر واستعير لنقيضه من منع الثواب الكفر، لأن الشكر في الاصل هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم، والكفر ستر النعمة من المنعم عليه بتضييع حقها. ومعنى الآية فلن يمنعوا ثوابه، وسمي منع الجزاء كفراً، لأنه بمنزلة الجحد له بستر، لأن أصل الكفر الستر، ولذلك قيل لجاحد نعم الله ومن جرى مجراه في الامتناع من القيام بحقها: كافر، فالكافر هو المضيع لحق نعمة الله بما يجري مجرى الجحود. وقوله: { والله عليم بالمتقين } إنما خص المتقين بالذكر، لأن الكلام اقتضى ذكر جزاء المتقين، فدل على أنه لا يضيع شيء من عملهم، لأن المجازي به عليم، وأنهم أمر أمرهم الفجار تعويلا على ما ذكره في غيرها من أي الوعيد.