التفاسير

< >
عرض

زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ
١٤
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى، واللغة:
قيل في المزين لحب الشهوات ثلاثة أقوال: قال الحسن: زينه الشيطان، لأنه لا أحد أشد ذماً لها من خالقها. الثاني - ما قاله الزجاج: انه زينه الله بما جعل في الطباع من المنازعة، كما قال تعالى
{ إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها } الثالث - ما قاله أبو علي أنه زين الله عز وجل ما يحسن منه، وزين الشيطان ما يقبح منه.
والشهوات: جمع شهوة وهي توقان النفس إلى الشيء يقال: اشتهى يشتهي شهوة، واشتهاء وشهاه تشهية، وتشهى تشهياً. والشهوة من فعل الله تعالى لا يقدر عليها أحد من البشر، وهي ضرورية فينا، لأنه لا يمكننا دفعها عن أنفسنا. والقناطير: جمع قنطار. واختلفوا في مقدار القنطار، فقال معاذ بن جبل، وابن عمر، وأبي بن كعب، وأبوهريرة: هو ألف ومأتا أوقية. وقال ابن عباس، والحسن، والضحاك: هو ألف ومأتا مثقال. وروي عن الحسن أيضاً أنه ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم. وقال قتادة: ثمانون ألفاً من الدراهم أو مائة رطل. وقال مجاهد، وعطا: سبعون ألف دينار. وقال أبو نضر هو مليء مسك ثور ذهباً. وبه قال الفراء: وهو المروي عن أبي جعفر. وقال الربيع وابن أنس: هو المال الكثير. ومعنى المقنطرة: المضاعفة - على قول قتادة - وقال الفراء: هي تسعة قناطير، وقيل هي كقولك دراهم مدرهمة أي مجعولة كذلك. وقال السدي مضروبة دراهم أو دنانير. والقنطرة: البناء المعقود للعبور والقنطر الداهية. وأصل الباب القنطرة المعروفة. والقنطار لأنه مال عظيم كالقنطرة. والذهب، والفضة معروفان. وتقول فضضته تفضيضاً. وفض الجمع يفضه فضاً إذا فرقه. ومنه قوله:
{ لانفضوا من حولك } وفضضت الخاتم كسرته ولا يفضض الله فاك أي لا يكسره. وافتضضت الماء: إذا شربته. وأصل الباب التفرق.
والخيل: الافراس سميت خيلا، لاختيالها في مشيها. والاختيال: من التخيل، لأنه يتخيل به صاحبه في صورة من هو أعظم منه كبراً. والخيال كالظل، لأنه يتخيل به صورة الشيء تقول: خلت زيداً أخال خيلاناً إذا خشيته لأنه يتخيل إلى النفس أنه هو. والاخيل: الشقراق وهو طائر الغالب عليه الخضرة مشرب حمرة، لأنه يتخيل مرة أخضر ومرة أحمر. وأصل الباب التخيل: التشبه بالشيء، ومنه أخال عليه الأمر يخيل إذا اشتبه عليه، فهو مخيل.
وقوله: { المسومة } قيل في معناه أربعة أقوال قال سعيد بن جبير وابن عباس والحسن والربيع هي الراعية وقال مجاهد وعكرمة والسدي: هي الحسنة, وقال ابن عباس في رواية، وقتادة: المعلمة. وقال ابن زيد: هي المعدة للجهاد فمن قال: هي الراعية، فمن قولهم: اسمت الماشية وسومتها إذا رعيتها. وسأمت، فهي سائمة ذا كانت راعية، ومنه تسيمون: أي ترعون. ومن قال: الحسنة فمن السيما مقصور. ويقال فيه سيميا أيضاً وهو الحسن. قال الشاعر:

غلام رماه الله بالحسن يافعاً له سيمياء لا يشق على البصر

ومن قال المعلمة، فمن السيماء التي هي العلامة كقوله تعالى: { يعرف المجرمون بسيماهم } ومن قال المعدة للجهاد، فهو راجع إلى العلامة لأنها معدة بالعلامة وأصل الباب العلامة. وقوله: "والأنعام" فهي الابل، والبقر، والغنم من الضان والمعز ولا يقال لجنس منها على الانفراد نعم إلا الابل خاصة لأنه غلب عليها في التفصيل والجملة. والحرث: الزرع. وقوله: { ذلك متاع الحياة الدنيا } فالمتاع: ما يستنفع به مدة ثم يفنى. وقوله: { والله عنده حسن المئاب } فالماب: المرجع من آب يؤوب أوباً وإياباً وأوبة، ومآباً إذا رجع وتأوب تأوباً: إذا ترجع وأوبه تأويباً: إذا رجعه. وأصل الباب الأوب الرجوع.