التفاسير

< >
عرض

أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ
١٤٢
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة والمعنى واللغة:
قرأ الحسن { ويعلم الصابرين } بكسر الميم. الباقون بفتحها. ووجه قراءة الحسن أنه عطف على، ولما يعلم الله كأنه قال، ولما يعلم الله ويعلم الصابرين. وقوله: { أم حسبتم } معناه: أحسبتم { أن تدخلوا الجنة } وقيل معنى (أم) معنى بل على جهة الانكار، لأن يحسبوا ذلك الحسبان، كما يقال: قد صممت على الخلاف أم تتوهم الاهمال، والفرق بين لم ولما أن لما جواب، لقول القائل: قد فعل فلان يريد به الحال، فجوابه (لما فعل) وإذا قال: فعل فجوابه (لم يفعل)، فلما كانت (لما) مؤكدة بحرف كانت جواباً لما هو مؤكد بحرف. وأيضاً، فانه يجوز الوقف على (لما) في مثل أن يقول القائل: قد جاء فلان، فيجيبه آخر فيقول: لما أي لما يجيء، ولا يجوز ذلك في (لم). ومعنى { ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } أي لما يعلم الله جهادكم يعني أنهم لا يدخلون الجنة إلا بفعل الجهاد، لأنه من أعظم أركان الشرع. وقوله: { ويعلم الصابرين } نصب على الصرف عن العطف إذ ليس المعنى على نفي الثاني، والاول، وإنما هو على نفي اجتماع الثاني والاول، نحو قولهم: لا يسعني شيء ويعجز عنك. وقال الشاعر:

لاتنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم

وانما جاز { ولا يعلم الله الذين جاهدوا منكم } على معنى نفي الجهاد دون العلم، لما فيه من الايجاز في انتفاء الجهاد، لانه لو كان لعلمه. وتقديره ولما يكن المعلوم من الجهاد الذي أوجب عليكم، لأن المعنى مفهوم لا يشتبه.