التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
١٥
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة والمعنى:
قرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر ورضوان - بضم الراء - الباقون بكسرها فالضم لغة قيس، وتميم. والكسر لغة أهل الحجاز. قيل في آخر الاستفهام بقوله أؤنبئكم قولان:
أحدهما - ان اخره عند قوله بخير من ذلكم، ثم استأنف للذين اتقوا. الثاني - عند قوله: "عند ربهم" ثم استانف جنات على تقدير الجواب، كأنه قيل: ما هو ذلك الخير، فقيل هو جنات. ومثله:
{ قل أؤنبئكم بشر من ذلكم النار } أي هي النار، ويجوز في إعراب جنات في العربية الرفع، والجر، فالجر على أن يكون في آخر الكلام عند ربهم. ولا يجوز الجر على الوجه الآخر للفصل باللام، كما لا يجوز أمرت لك بالفين ولاخيك مأتين حتى تقول بمائتين ولو قدمت فقلت ومأتين لاخيك جاز، ولا يجوز النصب في جنات على موضع الباء فيما لم يكن الباء فيه زائدة كما لا يحسن مررت برجل زيداً ويحسن خشنت بصدره وصدر زيد، لأن الباء زائدة، ولا يجوز أن تكون زائدة في بخير لأن نبأت لا يجوز الاقتصار فيه على المفعول الثاني دون الثالث، لأنه بمعنى أعلمت، ولا يجوز أعلمت زيداً أخاك حتى تقول خيراً من عمرو، أو نحوه. وقد تقدم تفسير الجنات والأنهار. وقوله: { خالدين } نصب على الحال ومعنى تأويل قوله: { وأزواج مطهرة } فلا معنى لاعادته. والرضا والمرضاة: معنى واحد. ومعنى قوله: { للذين اتقوا } يعني ما حرم عليهم - في قول الحسن -. فان قيل ما تقولون أنتم لأنكم تقولون إن من لا يتقي جميع ماحرم عليه إذا كان عارفاً بالله ومصدقاً لجميع ما وجب عليه موعود له بالجنة؟ قلنا: نقول إن هذه الآية تدل على أن من اتقى جميع ما حرم عليه، فله الجنة، وما وعد بها من غير أن يقترن بها شيء من استحقاق العقاب قطعاً. ومن ليس معه إلا التصديق بجميع ما وجب عليه وقد أخل بكثير من الواجبات وارتكب كثيراً من المحظورات فانا نقطع على استحقاقه الثواب مع استحقاقه للعقاب ونجوز فعل العقاب به ونجوز العفو عنه مع القطع على وجوب الثواب له، ففارق المتقي على ما تراه.