التفاسير

< >
عرض

يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٧١
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة:
قرأ الكسائي { وإن الله } - بكسر الالف - الباقون بفتحها على معنى وبأن الله، ورجح هذه القراءة أبو علي الفارسي. والكسر على الاستئناف. وفي قراءة عبد الله { والله لا يضيّع أجر المؤمنين }. وهو يقوي قراءة من قرأ بالكسر. قوله: "يستبشرون".
المعنى:
يعني هؤلاء الذين قتلوا في سبيل الله الذين وصفهم بانهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله، وانهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، فوصفهم ها هنا بانهم يستبشرون بنعمة من الله وفضل. وفضل الله وان كان هو النعمة قيل في تكراره ها هنا قولان:
أحدهما - لأنها ليست نعمة مضيقة على قدر الكفاية من غير مضاعفة السرور واللذة.
والآخر - للتأكيد لتمكين المعنى في النفس، والمبالغة. والنعمة هي المنفعة التي يستحق بها الشكر إذا كانت خالية من وجوه القبح، لأن المنفعة على ضربين:
أحدهما - منفعة اغترار، وحيلة، و [الثاني] - منفعة خالصة من شائب الاساءة. والنعمة: تعظيم بفعل غير المنعم، كنعمة الرسول على من دعاه إلى الاسلام فاستجاب له، لأن دعاءه له نفع من وجهين:
أحدهما - حسن النية في دعائه إلى الحق ليستجيب له.
والآخر - قصده الدعاء إلى حق من يعلم انه يستجيب له المدعو وانما يستدل بفعل غير المنعم على موضع النعمة في الجلالة وعظم المنزلة.
وقوله: { وإن الله لا يضيع أجر المؤمنين } وان كانوا هم علموا ذلك فانما ذكر الله انهم يستبشرون بذلك، لأن ما يعلمونه في دار التكليف يعلمونه بدليل. وما يعلمونه بعد الموت يعلمونه ضرورة. وبينهما فرق واضح، لأن مع العلم الضروري يتضاعف سرورهم، ويشتد اغتباطهم.