التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
١٨٣
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعني بقوله: { الذين قالوا } هم الذين وصفهم الله بقوله: { لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير. الذين قالوا إن الله عهد إلينا }.
الاعراب والمعنى:
والذين في موضع خفض رداً على قوله: { الذين قالوا إن الله فقير } ومعنى قولهم { إن الله عهد إلينا } أي أوصانا في كتبه، وعلى ألسن أنبيائه ألا نصدق لرسول فيما يقوله: من أنه جاء به من عند الله من أمر ونهي، وغير ذلك، فالعهد: العقد الذي يتقدم به للتوثق، وهو كالوصية. وقوله: { حتى يأتينا بقربان تأكله النار } معناه حتى يجيئنا بما يقرب به العبد إلى الله من صدقة وبر. وقربان مصدر على وزن عدوان، وخسران تقول قربت قرباناً. وأما قوله: { تأكله النار } فلأن أكل النار ما قربه أحدهم لله في ذلك الزمان كان دليلا على قبول الله له، ودلالة على صدق المقرب فيما أدعى أنه حق فيما نوزع فيه - في قول ابن عباس، والضحاك -، فقال الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وسلم) قل لهم يا معشر من يزعم أن الله عهد إليه ألا يؤمن لرسول حتى يأتيه بقربان تأكله النار، قل: قد جاءكم رسل من الله من قبل. المعنى جاء أسلافكم بالبينات يعني بالحجج الدالة على صدق نبوتهم، وحقيقة قولهم: وقد ادعيتم أنه يدل على تصديق من أتى به والاقرار بنبوته من أكل النار قربانه، فلم قتلتموه إن كنتم صادقين؟ يعني قتلتموهم وأنتم مقرون بأن الذين جاءوكم به من ذلك حجة لهم عليكم إن كنتم صادقين فيما عهد إليكم مما ادعيتموه وأضاف القتل إليهم وإن كان أسلافهم تولوه لأنهم رضوا بأفعالهم فنسب ذلك إليهم كما بيناه فيما تقدم في قوله تعالى:
{ { ويقتلون النبيين بغير الحق } فاراد الله أن يعلم المؤمنين ان هؤلاء معا ندون متعنتون، وإلا فهم عالمون بصفات النبي (صلى الله عليه وسلم) وما ذكره الله تعالى في التوراة وانه صادق فيما يدعيه، وإنما لم ينزل الله ما طلبوه لأن المعجزات تابعة للمصالح وليست على الاقتراحات والتعنت. فان قيل هلا قطع الله عذرهم بالذي سألوا من القربان الذي تأكله النار؟ قيل: له لا يجب ذلك لأن ذلك اقتراح في الأدلة على الله والذي يلزم من ذلك أن يزيح علتهم بنصب الادلة على ما دعاهم إلى معرفته.