التفاسير

< >
عرض

فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
٢٥
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

"كيف" موضوعة للسؤال عن الحال. ومعناها ها هنا التنبيه بصيغة السؤال عن حال من يساق إلى النار. وفيه بلاغة، واختصار شديد، لأن تقديره أي حال يكون حال من اغتر بالدعاوي الباطلة حتى أداه ذلك إلى الخلود في العقوبة؟ ونظيره قول القائل: أنا أكرمك وإن لم تجئني فكيف إذا جئتني؟ معناه فكيف إكرامي لك إذا جئتني. والتقدير: كيف حالها إذا جمعناهم؟ لأنه خبر ابتداء محذوف.
وقوله: { ليوم لا ريب فيه } معناه لجزاء يوم. واللام يدل على هذا التقدير. ولو قال: جمعناهم في يوم لما دل على ذلك. ومثله جئته ليوم الخميس أي لما يكون في يوم الخميس. وقال الفراء. معناه في يوم.
وقوله: { ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون } قيل في معناه قولان: أحدهما - { وفيت كل نفس ما كسبت } من ثواب أو عقاب. الثاني - ما كسبت من ثواب أو عقاب بمعنى اجتلبت بعملها من الثواب أو العقاب، كما تقول كسب فلان المال بالتجارة والزراعة. فان قيل: كيف قال: { وفيت كل نفس ما كسبت } وما كسبت، لا نهاية له، لأنه دائم وما لا نهاية له لا يصح فعله؟ قلنا: معناه أنه توفى كل نفس ما كسبت حالا بعد حال، فأما أن يفعل جميع المستحق فمحال لكن لا ينتهي إلى حد ينقطع ولا يفعل فيما بعده. { وهم لا يظلمون } معناه لا يبخسون، فلا يبخس المحسن جزاء إحسانه، ولا يعاقب مسيء فوق جزائه.