التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣١
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

النزول:
قيل: إن هذه الآية نزلت في قوم من أهل الكتاب، قالوا: نحن الذين نحب ربنا فجعل الله تصديق ذلك اتباع رسله. هذا قول الحسن وابن جريج. وقال محمد بن جعفر بن الزبير: إنها نزلت في وفد نجران من النصارى.
اللغة:
والمحبة: هي الارادة إلا أنها تضاف إلى المراد تارة، وإلى متعلق المراد أخرى نحو أن تقول: أحب زيداً واحب إكرام زيد، ولا تقول في الارادة ذلك لأنك تقول: أريد إكرام زيد، ولا تقول أريد زيداً. وإنما كان كذلك لقوة تصرف المحبة في موضع مثل الطباع الذي يجري مجرى الشهوة، فعوملت تلك المعاملة في الاضافة ومحبة الله للعبد هي ارادته لثوابه ومحبة العبد لله هي ارادته لطاعاته.
القراءة، والحجة، والاعراب:
وقوله: { فاتبعوني } أثبتت الياء فيه بلا خلاف، لأنها في وسط آية وحذفت من قوله: { فاتقوا الله وأطيعون } لأنها رأس آية نوي بها الوقف لتشاكل رءوس الآي، لأن سبيل الفواصل سبيل القوافي. وقيل أحببت فلاناً، فهومحبوب، فجاء مفعول للاستغناء به عن حببت حتى صار ذلك مهملا، وقد جاء على الاصل قول عنترة:

ولقد نزلت فلا تظني غيره مني بمنزلة المحب المكرم

وقد حكى الزجاج عن الكسائي (حببت) من الثلاثي، وأجاز القراءة بفتح التاء غير أنه قال هذه لغة قد ماتت. وقوله: { ويغفر لكم } لا يجوز في القياس إدغام الراء في اللام كما جاز إدغام اللام في الراء في هل رأيت، لأن الراء مكررة، ولا يدغم الزائد في الناقص للاخلال به، وقياسها في ذلك قياس الضاد، لأنه يجوز هل ضربت بالادغام ولا يجوز انقض له إلا بالاظهار لما في الضاد من الاستطالة، وقال الزجاج: روي عن أبي عمرو إدغام الراء في اللام، وغلظ عليه لأنه خطأ فاحش باجماع علماء النحويين: الموثوق بهم، وأجاز الفراء إدغامها في اللام كما يجوز إدغام الياء في الميم.