التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ
٥٧
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ { فيوفيهم } بالياء حفص ورويس. الباقون بالنون.
فان قيل: لم كرر الوعد ها هنا وقد ذكر في غير هذا الموضع من القرآن؟ قلنا: ليس ذلك بتكرير في المعنى، لأن معنى ذلك آمنوا بك يا عيسى وعملوا الصالحات فيما دعوتهم إليه من الهدى، لأنه تفصيل ما أجمل في قوله: { ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون } وقوله: { وعملوا الصالحات } ليس بتقييد للوعد بكل واحدة من الخصلتين على اختلاف فائدة الصفتين، وفي الآية دلالة على بطلان مذهب المجبرة في أن الله تعالى يريد الظلم، لأنه قال: { لا يحب الظالمين } وإذا لم يحب الظالم لم يحب فعل الظلم، لأنه إنما لم يجز محبة الظالم لظلمه.
والمحبة هي الارادة، وفي الآية دلالة على أنه لا يجازي المحسن بما يستحقه المسيء ولا المسيء بما يستحقه المحسن، لأن ذلك ظلم. ومعنى التوفية في الآية مساواة مقدار الاستحقاق لأن المقدار لا يخلو أن يكون مساوياً أو زائداً أو ناقصاً، والزيادة على مقدار الاستحقاق لا يجوز أن يعطي ثواب العمل من ليس بعامل لكن تجوز الزيادة على وجه التفضل، فأما التوفية، فواجبه في الحكمة والنقصان لا يجوز، لأنه ظلم. وفي الآية دلالة على بطلان القول بالتحابط، لأنه تعالى وعد بتوفية الاجور ولم يشرط الاحباط، فوجب حمل الكلام على ظاهره.