التفاسير

< >
عرض

إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ
٥٩
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قال ابن عباس، والحسن وقتادة: هذه الآية نزلت في وفد نجران: السيد والعاقب، قالا للنبي (صلى الله عليه وسلم) هل رأيت ولداً من غير ذكر، فأنزل الله تعالى الآية. والمثل ذكر سائر يدل على أن سبيل الثاني سبيل الأول، فذكر الله آدم بأن انشأه من غير والد يدل على أن سبيل الثاني سبيل الأول في باب الامكان، والقدرة. وفي ذلك دلالة على [بطلان قول] من حرم النظر، لأن الله تعالى احتج به على المشركين ولا يجوز أن يدلهم إلا بما فيه دليل فقياس خلق عيسى من غير ذكر كقياس خلق آدم بل هو فيه أوجب, لأنه في آدم من غير أنثى, ولا ذكر. ومعنى "خلقه" أنشأه, ولا موضع له من الاعراب، لأنه لا يصلح أن يكون صفة لآدم من حيث هو نكرة، ولا يكون حالا له، لأنه ماض فهو متصل في المعنى غير متصل في اللفظ من علامات الاتصال من اعراب أو مرتبة كالصلة. وقوله: { كن فيكون } قد بينا معناه فيما مضى وأنه اخبار عن سرعة الفعل وتيسره من غير مشقة ولا إبطاء. وقيل إنه يفعله عند قوله: { كن } ويكون ذلك علامة للملائكة على ما يريد الله إنشاءه. وقوله: { فيكون } رفع لا يجوز فيه النصب على جواب الأمر في كن، لأن جواب الشرط غيره في نفسه أو معناه نحو اتني فاكرمك واتني فتحسن إلي، فهذا يجوز، لأن تقديره فانك إن تأتني تحسن إلي، ولا يجوز تقدير (أن)، فيكون بالنصب، لأن تقدير كن فانك أن تكن فهذا لا يصح، لأن الجواب هو الشرط على معناه، ولكن يجوز الرفع على فهو يكون.