التفاسير

< >
عرض

وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ آمِنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٧٢
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

اللغة:
الطائفة الجماعة. وقيل في أصلها قولان:
أحدهما - أنه كالرفقة التي من شأنها أن تطوف البلاد في السفر الذي يقع عليه الاجتماع. والآخر - أنها جماعة يستوي بها حلقة يطاف حولها. وإنما دخلت هاء التأنيث فيها لمعنى المضاعفة اللازمة كما دخلت في الجماعة، لأن في أصل التأنيث معنى التضعيف من أجل أنه مركب على التذكير.
المعنى:
وفي قوله: { آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره } ثلاثة أقوال:
أولها - أظهروا الايمان لهم في أول النهار وارجعوا عنه في آخره، فانه أحرى أن ينقلبوا عن دينهم.
الثاني - آمنوا بصلاتهم إلى بيت المقدس في أول النهار، واكفروا بصلاتهم إلى الكعبة في آخره ليرجعوا بذلك عن دينهم.
الثالث - أظهروا الايمان في صدر النهار لما سلف لكم من الاقرار بصفة محمد (صلى الله عليه وسلم)، ثم ارجعوا في آخره لتوهموهم أنه كان وقع عليكم غلط في صفته. والوجه الأول قول أكثر أهل العلم. ووجه النهار هو أوله عند جميع المفسرين، كقتادة، والربيع، ومجاهد. وانما سمي أول النهار بأنه وجهه لأحد أمرين:
أحدهما - لأنه أول ما يواجه منه كما يقال، لأول الثوب وجه الثوب. الثاني - لأنه كالوجه في أنه أعلاه وأشرف ما فيه قال ربيع ابن زياد:

من كان مسروراً بمقتل مالك فليأت نسوتنا بوجه نهار

وقيل في معنى البيت: انه كان من عادتهم أن لا تنوح نساؤهم على قتلاهم إلا بعد أن يؤخذ بثاره، فاراد الشاعر أن يبين أنهم أخذوا بثار مالك بأن النساء ينحن عليه. ولذلك قال في البيت الذي بعده:

يجد النساء حواسراً يندبنه

وقوله: { لعلهم يرجعون } فيه حذف وتقديره: لعلهم يرجعون عن دينهم في قول ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد.