التفاسير

< >
عرض

قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
٩٩
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى:
قوله: { لم تصدون } معناه لم تمنعون، لأن الصد المنع. وقيل في كيفية صدهم عن سبيل الله قولان:
أحدهما - أنهم كانوا يغزون بين الأوس، والخزرج، بتذكيرهم الحروب التي كانت بينهم حتى تدخلهم العصبية وحمية الجاهلية فينسلخون عن الدين - هذا قول زيد بن اسلم - وقال الآية في اليهود خاصة. وقال الحسن الآية في اليهود والنصارى معاً ومعناها لم تصدون بالتكذيب بالنبي (صلى الله عليه وسلم) وإن صفته ليست في كتبهم ولا تقدمت البشارة به عندهم وقوله: { من آمن } موضعه النصب بأنه مفعول تصدون. وقوله: { تبغونها عوجاً } الكناية راجعة إلى السبيل، ومعناه تطلبون لها عوجا يعني عدو لا عن طريق الحق، وهو الضلال كأنه قال تبغونها ضلالا.
اللغة:
والعوج - بفتح العين، هو ميل كل شيء منتصب، نحو القناة والحائط، وبكسر العين - إنما هو الميل عن الاستواء في طريق الدين، وفي القول، وفي الارض. ومنه قوله:
{ لا ترى فيها عوجاً } وقال عبد بني الحسحاس:

بغاك وما تبغيه حتى وجدته كأنك قد واعدته أمس موعدا

أي طلبك وما تطلبه هذا في بغيت الحاجة فأما بغى عليه، فمعناه تطاول بظلمه له. وتقول: إبغني كذا بكسر الهمزة أي أطلبه لي. وإذا قلت: أبغني بفتح الهمزة، فمعناه أعني على طلبه. ومثله إحملني وأحملني والمسنى وألمسني. واحلب لي واحلبني أي أعني على الحلب. وأصل ذلك ابغ لي غير أنه حذفت اللام لكثرة الاستعمال.
المعنى:
وقوله: { وأنتم شهداء } قيل فيه قولان:
أحدهما - { أنتم شهداء } على بطلان صدكم عن دين الله، وتكون الآية مختصة بقوم معاندين، لأنهم جحدوا ما علموه ويجوز أن تكون في الجميع، لاقرارهم بأنه لا يجوز الصد عن دين الله، فلذلك صح ما ألزموا.
الثاني - { وأنتم شهداء } أي عقلاء كما قال الله تعالى
{ أو ألقى السمع وهو شهيد } أي وهو عاقل، وذلك أنه يشهد الدليل الذي يميز به الحق من الباطل قيل فيما يتعلق بالدين ويؤديه إليه.