التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ
٢
هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ
٣
ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ
٤
أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٥
-لقمان

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ حمزة { هدى ورحمة } رفعاً. الباقون نصباً. من رفع جعله خبر إبتداء محذوف، وتقديره هو هدى ورحمة، ويجوز أن يكون بدلا من { تلك آيات } أي تلك هدى ورحمة، ومن نصب فعلى المصد وتقديره يهدي به هدى ويرحم به رحمة، ويجوز أن يكون على الحال، وتقديره هادياً أي في حال الهداية والرحمة - ذكره الزجاج - { للمحسنين } الذين يفعلون الافعال الحسنة من الطاعات ويتفضلون على غيرهم. وقد بينا أن اقوى الأقوال في معنى { الم } قول من قال هو اسم للسورة، وذكرنا ما في الأقوال في ما تقدم. قال الرماني: انما جعل اسم السورة على الاشتراك للمناسبة بينها وبين ما يتصل بها مع الفصل بالصفات وذلك انها استحقت بذكر الكتاب والمؤمنين به غير العادلين عنه، كما هو في البقرة.
وقوله { تلك آيات الكتاب } اشارة إلى آيات الكتاب التي وعدهم الله بانزالها عليهم في الكتب الماضية، قال ابو عبيدة { تلك } بمعنى هذه و { آيات الكتاب } وإن كانت هي الكتاب فهو جائز، كما قال
{ حق اليقين } وكما قالوا: مسجد الجامع، وغير ذلك. وقد بيناه في ما مضى { الحكيم } من صفة الكتاب، فلذلك جره وإنما وصف الكتاب بأنه (حكيم) مع انه محكم لانه يظهر الحق والباطل بنفسه، كما يظهره الحكيم بقوله، ولذلك يقال: الحكمة تدعو إلى الاحسان وتصرف عن الاساءة. وقال ابو صالح: احكمت آياته بالحلال والحرام. وقال غيره: احكمت بأن اتقنت { { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل } }. ثم قال هذا الكتاب { هدى ورحمة للمحسنين } أي دلالة موصلة لهم إلى الصواب وما يستحق به الثواب، ورحمة رحمهم الله بها وأضافه إلى المحسنين وإن كان هدى لغيرهم لما كانوا هم المنتفعين به دون غيرهم كما قال { { هدى للمتقين } والاحسان النفع الذي يستحق به الحمد فكل محسن يستحق الحمد وكل مسيئ يستحق الذم، وما يفعله الفاعل على انه لا ظلم فيه لاحد لينقطع به عن قبيح في انه احسان فهو احسان يستحق عليه الحمد، لان الحكمة تدعو إلى فعله على هذا الوجه، ولا يدعو إلى ان يفعله للشهوة، ولا للهوى.
ثم وصف المحسنين فقال { الذين يقيمون الصلاة } أي يديمون فعلها ويقومون بشرائطها واحكامها ويخرجون الزكاة الواجبة عليهم في أموالهم. وهم بالآخرة مع ذلك يوقنون، ولا يرتابون بها. ثم اخبر أن هؤلاء الذين وصفهم بهذه الصفات { على هدى من ربهم } أى على حجة من ربهم { وأولئك هم المفلحون } الفائزون بثواب الله ورحمته.