التفاسير

< >
عرض

مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً
٦١
سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً
٦٢
يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً
٦٣
إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً
٦٤
خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
٦٥
-الأحزاب

التبيان الجامع لعلوم القرآن

لما أخبر الله تعالى، وتوعد { المنافقين والذين في قلوبهم مرض } أي شك { والمرجفون في المدينة } بما يشغل قلوب المؤمنين وأنهم إن لم يتوبوا عن ذلك نفوا عنها، وصفهم بانهم { ملعونين } أي مبعدون { أينما ثقفوا } ونصب { ملعونين } على الحال من الضمير في قوله { يجاورونك } وقيل: انه نصب على الذم، والصفة لـ (قليلا)، كأنه قال: إلا أذلاء ملعونين، و { أينما } منصوب بـ { ثقفوا }، وانجزم به { ثقفوا } على طريق الجزاء. وإنما جاز ذلك، لأن الجازم في الأصل (إن) المحذوفة. وصار { أينما } تقوم مقامها، وتغني عنها ولا يجوز ان يعمل فيه { أخذوا } لأنه جواب الجزاء، ولا يعمل الجواب فيما قبل الشرط، لئلا يختلط احد الأمرين بالآخر.
وفي الآية دلالة على انهم انتهوا، وإلا كان يوقع الاغراء بهم ويجعلهم بالصفة التي ذكرها.
وقوله { سنة الله التي قد خلت من قبل } فالسنة الطريقة في تدبير الحكيم ومنه سنة رسول الله، وهي الطريقة التي أجراها بأمر الله تعالى، فأضيفت اليه لأنه فعلها بأمر الله. واصل السنة الطريقة. ومن عمل الشيء مرة أو مرتين لا يقال: إن ذلك سنة، لأن السنة الطريقة الجارية، ولا تكون جارية بمالا يعتد به من العمل القليل، وسنة الله في المتمردين في الكفر - الذين لا يقلع احد منهم ولا من نسلهم - الاهلاك في العذاب في الدنيا والآخرة.
وقوله { ولن تجد لسنة الله تبديلاً } معناه إن السنة التي اراد الله أن يسنها في عباده لا يتهيأ لأحد تغييرها، ولا قلبها عن وجهها لانه تعالى القادر الذي لا يتهيأ لاحد منعه مما اراد فعله.
ثم قال { يسألك الناس عن الساعة } يعني عن يوم القيامة { قل } لهم { إنما علمها عند الله } لا يعلمها أحد غيره { وما يدريك } يا محمد { لعل الساعة تكون قريباً } مجيئها.
ثم قال تعالى مخبراً { إن الله لعن الكافرين } يعني أبعدهم من رحمته { وأعد لهم سعيراً } يعني النار التي تستعر وتلتهب { خالدين فيها أبداً } أي مؤبدين فيها لا يخرجون منها { ولا يجدون ولياً } ينصرهم من دون الله { ولا نصيراً } يدفع عنهم.
واستدل قوم بذلك على النار أنها مخلوقة الآن، لان ما لا يكون مخلوقاً لا يكون معداً. وهذا ضعيف، لانه يجوز أن يكون المراد إن الجنة والنار معدتان في الحكم كائنتان لا محالة، فلا يمكن الاعتماد على ذلك.