التفاسير

< >
عرض

جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ
١١
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ
١٢
وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ لْئَيْكَةِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلأَحْزَابُ
١٣
إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ
١٤
وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ
١٥

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ حمزة والكسائي { فواق } بضم الفاء. الباقون بفتحها. فالفواق بفتح الفاء معناه ما لها من راحة، وإذا ضممت الفاء، فالمعنى ما لها من فواق ناقة وهو قدر ما بين الحبلتين. وقيل: هو ما بين الرضعتين. وقيل: هما لغتان مثل قصاص الشعر وقصاصه، وحمام الماء وحمامه، وهو الآفة، وهو الابانة بعد الفترة و (ما) في قوله { جند ما } صلة، وتقديره: جند هنالك، و { هنالك } للمكان البعيد و (هناك) للمتوسط بين القرب والبعد و (هنا) للقريب ونظيره (ذا) و (ذاك) و (ذلك) ومثل (ما) في كونها صلة قولهم: لأمر ما جدع قصير أنفه. وعندي طعام ما، قال الاعشى:

فاذهبي ما اليك أدركني الحـ ـلم عداني عن ذكركم اشغالي

وقيل: إنها تقوية للنكرة المبتدأة في (ما) والجند جمع معد للحرب جمعه اجناد وجنود، وجند الاجناد أي جيش الجيوش. ومنه قوله صلى الله عليه وآله "الارواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" ، وقوله { مهزوم } يعني مغلوب عن أن يصعدوا إلى السماء، والمهزوم من وقعت بهم الهزيمة، وهي الفرار من الحرب، ولو فرّ انسان من ضرب لم يكن ذلك هزيمة، وكذلك من فرّ من الحبس. وقوله { من الأحزاب } معناه من حزب إبليس وإتباعه.
ثم اخبر تعالى انه كذب مثل هؤلاء الكفار، فأنث لأنه أراد العشيرة { قوم نوح } فأغرقهم الله، وقوم { عاد } فاهلكهم الله { وفرعون } وقوم فرعون { ذا الأوتاد } وقيل: في معناه أقوال:
منها - انه كانت له ملاعب من اوتاد يلعب له عليها، وهو قول ابن عباس وقتادة. وقال السدى والربيع بن أنس: انه كانت له أوتاد يعذب الناس بها. وقال الضحاك: معناه ذو البنيان، والبنيان اوتاد،
ثم قال { وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة } أيضاً هم الأحزاب يعني احزاب إبليس: و { الأيكة } الغيضة. وقال ابو عمرو بن العلا: هي الملتفت من النبع والسدر. وقال السدي: هي الحرجة، قال الشاعر:

افمن بكاء حمامة في أيكة يرفض دمعك فوق ظهر المحمل

يعني محمل السيف. وقوله { إن كل إلا كذب الرسل } معناه ليس كلهم إلا كذبوا أنبياء الله وجحدوا نبوتهم فاستحقوا عقابي. ثم قال { وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة } أي ليس ينظر هؤلاء إلا صيحة عذاب لا يكون لتلك الصيحة { من فواق } أي مالها من افاقة بالرجوع إلى الدنيا وهو قول قتادة، والسدي وقال ابن زيد { ما لها من فواق } أي من فتور كما يفيق المريض.