التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ
٦١
وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ
٦٢
أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار
٦٣
إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ
٦٤
قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ
٦٥

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ ابو عمرو وحمزة والكسائي اتخذناهم موصولة على وجه الاخبار. الباقون بقطع الهمزة على الاستفهام. وقرأ نافع وحمزة والكسائي { سخرياً } بضم السين. الباقون بكسرها.
حكى الله تعالى عن الكفار الذين اتبعوا غيرهم في الضلال وانقادوا لرؤسائهم فيه انهم يقولون يوم القيامة إذا حصلوا في عذاب جهنم يا { ربنا من قدم لنا هذا } أي من سبب لنا هذا العذاب ودعانا إلى ما قد استوجبنا به ذلك { فزده عذاباً ضعفاً } أي مثلا مضاعفاً إلى مثل ما يستحقه { في النار } احد الضعفين لكفرهم بالله تعالى والضعف الآخر لدعائهم إيانا إلى الكفر،
ثم حكى عنهم ايضاً انهم يقولون { ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار } قال مجاهد نزلت في أبي جهل والوليد بن المغيرة وذويهما انهم يقولون مع قرنائهم: ما لنا لا نرى عماراً وخباباً وصهيباً وبلالاً الذين كنا نعدهم في الدنيا من جملة الأشرار الذين يفعلون الشر والقبيح ولا يفعلون الخير. وفي تفسير اهل البيت إن هذا حكاية عما يقوله اعداء أهل الحق، فانهم لا يرون أهل الحق يوم القيامة لكونهم في الجنة وكون اعدائهم في النار وكانوا يعدونهم في الدنيا من الاشرار.
ثم حكى انهم يقولون ايضاً { أتخذناهم سخرياً } فمن قطع الهمزة أراد الاستفهام الذي معناه التعجب والتوبيخ، ومن وصل أراد الاخبار، يعنون الذين كنا نعدهم من الاشرار { أتخذناهم سخرياً } فمن كسر السين جعله من الهزء أي كنا نسخر منهم في الدنيا، ومن ضم السين جعله من السخرة أي كنا نسخرهم ونستذلهم { أم زاغت عنهم الأبصار } ومن قطع الهمزة جعل (أم) معادلة ومن وصلها جعل (أم) بمعنى بل، قال مجاهد والضحاك { أم زاغت عنهم الأبصار } أي ابصارنا، فلا ندري اين هم. وقال الحسن: كل ذلك قد مثلوا بهم اتخذوها سخرياً وزاغت عنهم ابصارهم محقرة لهم.
ثم اقسم تعالى ان الذي حكاه من تخاصم اهل النار ومجادلة بعضهم لبعض { لحق } أي كائن لا محالة.
ثم أمر نبيه صلى الله عليه وآله فقال { قل } يا محمد { إنما أنا منذر } أي مخوف من معاصي الله ومحذر من عقابه { وما من إله } أي وليس من يحق له العبادة { إلا الله الواحد } الفرد { القهار } لجميع خلقه المستعلي عليهم بسعة مقدوره لا يقدر احد على الخلاص من عقوبته إذا اراد عقابه، ومن اختار وصل الهمزة في قوله { اتخذناهم } قال لأنهم علموا انهم اتخذوهم سخرياً في دار الدنيا وإنما اعترفوا بذلك يوم القيامة، يقولون اتخذناهم سخرياً بل زاغت عنهم ابصارنا محقرة لهم. ومن قطع الهمزة قال: هذا على وجه التوبيخ لنفوسهم والتبكيت لها. ثم قال ذلك أي ثم يقولون بل زاغت عنهم ابصارنا فلا نراهم.