التفاسير

< >
عرض

إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَٰثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَٰناً مَّرِيداً
١١٧
-النساء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

اختلفوا في تأويل هذه الآية على خمسة أقوال:
فقال أبو مالك، والسدي، وابن زيد، والزجاج: ان المراد بذلك آلهتهم، واللات، والعزى، ومنات، وساف، ونائله سماهن إناثاً بتسمية المشركين اياها باسماء الاناث.
الثاني - قال ابن عباس، وقتادة، والحسن: معناه إن يدعون من دونه الا اناثاً يقول ميتاً ليس فيه روح، قال الحسن: الاناث كل شيء ميت ليس فيه روح، مثل خشبة يابسة أو حجر يابس. وقال الزجاج: لان الموات يخبر عنها بلفظ التأنيث كما يعبر عن المؤنث تقول: الاحجار تعجبني ولا تقول يعجبوني.
الثالث - قال الحسن في رواية أخرى: إن أهل الأوثان كانوا يسمون أوثانهم أناثاً، وكان لكل حي صنم يسمونها أنثى.
الرابع - قال مجاهد: الاناث هي الاوثان. وروي عن عروة عن أبيه أن في مصحف عائشة الا أوثاناً وروي عن ابن عباس أنه كان يقرأها إلا وثناً جمع وثن كأنه جمع وثناً، وثناً، ثم قلب الواو همزة مضمومة مثل وجوه وأوجه وقتت واقتت، وقرأ بعضهم أنثاً جمع أناث مثل ثمار وثمر والقراءة المشهورة أناثاً، وعليه القراء من أهل الامصار.
الخامس - قال الحسين بن علي المغربي: إلا اناثاً معناه ضعافاً عاجزين لا قدرة لهم يقولون: سيف أنيث وميناثة بالهاء وميناث أي غير قاطع. قال صخر الغي:

فتخبره بأن العقل عندي جراز لا أفل ولا أنيث

وأنث في أمره: اذالان، وضعف والانيث المخنث، وقال الكميت:

وشذبت عنهم شوك كل قتادة بفارس يخشاها الانيث المغمز

قال الازهري: والاناث الموات. وقوله: { وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً } المعنى إن هؤلاء الذين يعبدون غير الله ليس يعبدون الا الجمادات، والا الشيطان المريد وهو المتمرد على الله في خلافه فيما أمر به ونهى عنه وهو ابليس، وبه قال قتادة واكثر المفسرين "ويدعون" معناه يعبدون، لأنهم، إذا دعوا الله مخلصين، فقد عبدوه، ومثله قوله: { ادعوني أستجب لكم } اي اعبدوني بدلالة قوله: { إن الذين يستكبرون عن عبادتي } قال الزجاج: المريد هو الخارج عن الطاعة يقال حائط ممرّد أي مملس وشجرة مرداء إذا تناثر ورقها ومنه سمي أمرد ومن لا لحية له أي أملس موضع اللحية، ويقال مرد الرجل يمرد مروداً ومرادة: إذا عتا وخرج عن الطاعة.