التفاسير

< >
عرض

وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَٱبْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلَٰحاً يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً
٣٥
-النساء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى واللغة
قوله: { وإن خفتم } في معناه قولان:
أحدهما - إن علمتم.
الثاني - الخوف الذي هو خلاف الأمن، وهو الأصح، لأنه لو علم الشقاق يقيناً لم يحتج إلى الحكمين، فان أريد به الظن كان قريباً مما قلناه. والشقاق الخلاف، والعداوة، واشتقاقه من الشق، وهو الجزء الباين، ومنه إسم المتشاقين، لأن كل واحد منهما في شق أي في ناحية، ومنه المشقة في الأمر، لأنه يشق على النفس، فأمر الله متى خيف ذلك بين الزوجين أن يبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، والحكم القيم بما يسند إليه.
والمأمور ببعث الحكمين قيل فيه قولان:
أحدهما - قال سعيد بن جبير، والضحاك، وأكثر الفقهاء، وهو الظاهر في اخبارنا: انه السلطان الذي يترافعان إليه.
والثاني - قال السدي: انه الرجل والمرأة، وقيل: أيهما كان ناب عن الآخر، وهو اختيار الطبري. واختلف الفقهاء في الحكمين هل هما وكيلان، أو هما حكمان، فعندنا أنهما حكمان، وقال قوم: هما وكيلان، واختلفوا هل للحكمين أن يفرقا بالطلاق إن رأياه أم لا؟ فعندنا ليس لهما ذلك إلا بعد أن يستأمراهما، أو كان اذن لهما في الأصل في ذلك، وبه قال الحسن، وقتادة، وابن زيد، عن أبيه. ومن قال: هما وكيلان، قال: لهما ذلك، ذهب إليه سعيد بن جبير، والشعبي، والسدي، وابراهيم، وشريح، ورووه عن علي (ع).
وقوله: { إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما } معناه يوفق الله بينهما، والضمير في بينهما عائد على الحكمين، والمعنى: إن أرادا إصلاحاً في أمر الزوجين يوفق الله بينهما. وبه قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، والسدي. وأصل التوفيق الموافقة، وهي المساواة في أمر من الأمور. والتوفيق هو اللطف الذي يتفق عنده فعل الطاعة، والتوفيق بين نفسين هو الاصلاح بينهما، والاتفاق في الجنس والمذهب المساواة بينهما، والاتفاق في الوقوع كرمية من غير رام لمساواتهما نادراً.
وقوله: { إن الله كان عليماً خبيراً } يعني بما يريد الحكمان من الاصلاح. أو الافساد. وقيل معناه أنه عالم بما تعبدكم به، لعلمه بما فيه صلاحكم في دينكم ودنياكم. "وشقاق بينهما" إنما أضافه إلى البين لأن البين قد يكون اسماً كما قال:
{ { لقد تقطع بينكم } ممن قرأ بالرفع.