التبيان الجامع لعلوم القرآن
المعنى والاعراب:
معنى قوله: { وما لكم } أي شيء لكم. و { لا تقاتلون } في موضع الحال كأنه قال: أي شيء لكم تاركين، أي في حال القتال مع هذه الامور التي تقتضي الحرص على الجهاد، أي لا عذر لكم ألا تقاتلوا في سبيل الله، ومثله قوله: { { فما لهم عن التذكرة معرضين } وقوله: { والمستضعفين } خفض بالعطف على ما عملت فيه (في) وتقديره في المستضعفين. وقيل في معناه قولان:
أحدهما - وعن المستضعفين، فوقع (في) موقع (عن) فاذا ذكرت (عن) فلصرف الأذى عنهم إذ كانت لما عدا الشيء وإذا ذكرت (في) فلأن القتال مضمن بهم، لخلاصهم، إذا كانت في للوعاء.
الثاني - ان يكون على محذوف، وتقديره وفي اعزاز المستضعفين، وقد قال المبرد: هو عطف على اسم الله بتقدير، وسبيل المستضعفين { من الرجاء والنساء والوالدان }.
اللغة والمعنى:
والوالدان جمع ولد على مثال خرب وخربان، وبرق وبرقان، وورل وورلان، مثل ولد وولدان، وهو من ابنية الكثير، والاغلب على بابه فعال نحو جبال وجمال. وقوله: { الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها } قال ابن عباس والحسن وابن أبي نجيح، والسدي ومجاهد وابن زيد: إنها مكة، لأن أهل مكة كانوا قد اجتهدوا أن يفتنوا قوماً من المؤمنين عن دينهم، والأذى لهم وكانوا مستضعفين في أيديهم. وقال تعالى { ما لكم } لا تسعون في خلاصهم. وهم يسمون كل مدينة قرية، وإنما جاز أن يجري صفة ظالم على الأول وهو في المعنى للثاني، لأنها قوية في العمل لقربها من الفعل متمكنة من الوصف بأنها تصرف تصرفه في التأنيث والتذكير والتثنية، والجمع، خلاف باب أفعل منك، فلذلك جاز مررت برجل ظالم أبوه، ولم يجز مررت برجل خير منه أبوه. والولي القيم بالأمر حتى يستنقذهم من أمر أعدائهم، لأنه يتولى الأمر بنفسه، ولا يكله إلى غيره. وحكى أبو علي ان منهم سلمة بن هشام، والوليد بن الوليد، وعياش بن أبي ربيعة وأبو جندل بن سهيل، وانما قال: { يقولون.. الظالم أهلها } وان كان فيهم الولدان لا ينطقون تغليباً للاكثر، كقولك قال أهل البصرة، وإن كان قولا لبعضهم.