التفاسير

< >
عرض

إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ
٥١
يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ
٥٢
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ
٥٣
هُدًى وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ
٥٤
فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ
٥٥
-غافر

التبيان الجامع لعلوم القرآن

اربع آيات فى الشامي وفى عدد اسماعيل وخمس في ما عداهما عدوا { بني إسرائيل الكتاب } ولم يعده الأولان.
قرأ نافع واهل الكوفة { يوم لا ينفع الظالمين } بالياء، لأن المعذرة ليس تأنيثها حقيقياً ولأنهم ارادوا عذرهم. الباقون بالتاء لتأنيث المعذرة.
اخبر الله تعالى عن نفسه بأنه ينصر رسله الذين بعثهم بالحق إلى خلقه وينصر الذين آمنوا به وصدقوا رسله في دار الدنيا، وينصرهم ايضاً يوم يقوم الاشهاد. والنصر المعونة على العدوّ، وهو على ضربين: نصر بالحجة ونصر بالغلبة في المحاربة بحسب ما يعلم الله تعالى من المصلحة وتقتضيه الحكمة، هذا إذا كان في دار التكليف. فأما نصره إياهم يوم القيامة فهو اعلاء كلمتهم وظهور حقهم وعلو منزلتهم وإعزازهم بجزيل الثواب وإذلال عدوِّهم بعظيم العقاب. والاشهاد جمع شاهد مثل صاحب واصحاب وهم الذين يشهدون بالحق للمؤمنين وأهل الحق وعلى المبطلين والكافرين بما قامت به الحجة يوم القيامة وفى ذلك سرور المحق وفضيحة المبطل في ذلك المجمع العظيم والمحفل الكبير. وقال قتادة الأشهاد الملائكة والانبياء والمؤمنون وقال مجاهد: هم الملائكة. ثم بين سبحانه وتعالى اليوم الذي يقوم فيه الاشهاد، فقال { يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم } فالمعذرة والاعتذار واحد. وإنما نفى ان تنفعهم المعذرة في الآخرة مع كونها نافعة في دار التكليف لأن الآخرة دار الالجاء إلى العمل، والملجأ غير محمود على العمل الذي ألجيء اليه، لأنه لا يعمله لداعي الحكمة إلى ما يمكنه أن يعمله ولا يعمله فيضمن الحمد على فعله. وقيل: إنما لم يقبل معذرتهم، لانهم يعتذرون بالباطل - في قولهم والله ربنا ما كنا مشركين.
ثم بين تعالى إن لهم مع بطلان معذرتهم اللعنة، وهي الابعاد من رحمة الله والحكم عليهم بدوام العقاب ولهم سوء الدار وهو عذاب النار نعوذ بالله منها. والظالمين الذين لا تنفعهم المعذرة هم الذين ظلموا أنفسهم او غيرهم بارتكاب المعاصي التي يستحق بها دوام العقاب.
ثم اخبر تعالى على وجه القسم فقال { ولقد آتينا موسى الهدى } أي اعطيناه التوراة فيها أدلة واضحة على معرفة الله وتوحيده وانزلنا عليه الكتاب وأورثناه بني إسرائيل يعني التوراة، وهدى يعني أدلة واضحة على معرفة الله وتوحيده و { ذكرى } أي ما يتذكر به أولوا الالباب، وإنما خص العقلاء بذلك، لأنهم الذين يتمكنون من الانتفاع به دون من لا يعقل.
ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله فقال { فاصبر } يا محمد على أذى قومك وتحمل المشقة في تكذيبهم إياك { إن وعد الله حق } الذي وعدك به من الثواب والجنة لمن اطاعك والنار والعقاب لمن عصاك حق لا خلف له. واطلب ايضاً المغفرة لذنبك. ويجوز ان يكون الخطاب له والمراد به أمته { وسبح بحمد ربك } أي نزه الله تعالى واعترف بشكره بما أنعم الله عليك { بالعشي والإبكار } أي صباحاً ومساء. وقيل { وسبح بحمد ربك } معناه صل بحمد ربك و { بالعشي } معناه من زوال الشمس إلى الليل. و { الإبكار } من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس.