التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلْبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ
٦٦
هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ
٦٧
هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ
٦٨
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ
٦٩
ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلْكِـتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
٧٠
-غافر

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا امر من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله ان يقول الكفار قومه { إني نهيت } أى نهاني الله { أن أعبد } أى اوجه العبادة إلى { الذين تدعون من دون الله } التي تجعلونها آلهة { لما جاءني البينات من ربي } أى حين أتاني الحجج والبراهين من جهة الله دَّلتني على ذلك { وأمرت } مع ذلك { أن أسلم لرب العالمين } أى استسلم لأمر رب العالمين الذى خلقكم وأوجدكم ويملك تدبير الخلائق اجمعين. ثم وصفه فقال { وهو الذى خلقكم } معاشر البشر { من تراب } ومعناه خلق أباكم آدم من تراب وانتم نسله واليه ترجعون واليه تنتمون { ثم من نطفة... } اى ثم انشأ من ذلك الاصل الذى خلقه من تراب النطفة ثم قلبها إلى علقة وهي القطعة من الدم لانها تعلق بما يمر به لظهور اثرها فيه وخلقكم منها { ثم يخرجكم طفلا } أى اطفالا واحداً واحداً، فلهذا ذكره بالتوحيد، كما قال { { بالأخسرين أعمالا } لان لكل واحد منهم اعمالا قد خسر بها { ثم لتبلغوا أشدكم } وهو حال استكمال القوة وهو جمع شدة واشد كنعمة وانعم. واصل الشدة اللف الذى يصعب منه الانحلال، ثم { لتكونوا شيوخاً } بعد ذلك { ومنكم من يتوفى من قبل } ان يصير شيخاً ومن قبل ان يبلغ اشدة { ولتبلغوا أجلا مسمى } أى يبلغ كل واحد منكم ما سمى له من الأجل. وقال الحسن: هو النسل الذى يقوم عليه القيامة والأجل المسمى القيامة { ولعلكم تعقلون } أى خلقكم لهذه الأغراض التي ذكرها ولكي تفكروا في ذلك فتعقلوا ما انعم الله عليكم من انواع النعم واراده منكم من اخلاص العبادة. ثم قال { هو الذى يحيى ويميت } يعني من خلقكم على هذه الاوصاف التي ذكرها هو الذى يحييكم وهو الذي يميتكم فأولكم من تراب وآخركم إلى تراب تعودون { فإذا قضى أمراً } اى اراد امراً من الامور { فإنما يقول له كن فيكون } ومعناه انه يفعل ذلك من غير ان يتعذر عليه ولا يمتنع منه فهو بمنزلة ما يقال له كن فيكون، لا انه خاطب المعدوم بالتكوين، لأن ذلك محال. والله لا يأمر بالمحال.
ثم قال { الذين يجادلون في آيات الله } يعني المشركين الذين يخاصمون في دفع آيات الله وابطالها { أنى يصرفون } أى كيف ومن أين ينقلبون عن الطريق المستقيم إلى الضلال ولو كانوا يخاصمون في آيات الله بالنظر في صحتها والفكر فيها لما ذمهم الله. قال ابن زيد اراد بذلك المشركين. ثم وصفهم فقال { الذين كذبوا بالكتاب } يعني بالقرآن جحدوه وكذبوا بما ارسلنا به من الكتب فى الشرائع رسلنا قبلك { فسوف يعلمون } عاقبة أمرهم إذا حل بهم وبال ما جحدوه ونزل بهم عقاب ما ارتكبوه ويعرفون ان ما دعوتهم اليه حق وما ارتكبوه ضلال وفساد.