التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ
١٧
أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ
١٨
وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
١٩
وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ
٢٠
وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ
٢١
-الدخان

التبيان الجامع لعلوم القرآن

أقسم تعالى انه فتن قبلهم يعني قبل كفار قوم النبي صلى الله عليه وآله { قوم فرعون } أى اختبرناهم، وشددنا عليهم بأن كلفناهم، لأن الفتنة شدة التعبد فى الأخذ بالسرّاء والضرّاء، وأصلها الاحراق بالنار لخلاص الذهب من الغش، فهذه الشدة كشدة الاحراق للخلاص. وقيل: الفتنة معاملة المختبر ليجازى بما يظهر دون ما يعلم مما لم يعلم { وجاءهم رسول كريم } أى حقيق بالتكرم فى الدعاء إلى الله والبرهان الواضح والدليل القاهر حتى يسلكوا طريق الهدى المؤدي إلى ثواب الجنة ويعدلوا عن طريق الردى المؤدي إلى العقاب. وقيل: معناه كريم عند الله بما استحق بطاعته من الاكرام والاجلال.
وقوله { أن أدوا إلي عباد الله } قال الحسن: هو مثل قوله
{ { أن أرسل معنا بني إسرائيل } فـ { عباد الله } منصوب بـ { أدوا } وقيل: هو منصوب على النداء. أي يا عباد الله أدوا ما أمركم به، فى قول الفراء { إني لكم رسول أمين } على ما اؤديه اليكم وادعوكم اليه، { وأن لا تعلوا على الله } قال ابن عباس: معناه أن لا تطغوا عليه بافتراء الكذب عليه. وقال قتادة: معناه ان لا تبغوا عليه بكفر نعمه، وقيل معناه أن لا تتكبروا على الله بترك طاعته وإتباع أمره. وقيل: معناه أن لا تبغوا على أولياء الله بالبغي عليهم. وقال الحسن: معناه لا تستكبروا عليه بترك طاعته { إني آتيكم بسلطان مبين } أي بحجة واضحة لأن السلطان الحجة والمبين الظاهر الذي مع ظهوره يظهر الحق، فكأنه اظهره. ثم قال لهم { وإني عذت بربي } الذي خلقني { وربكم } الذي خلقكم { أن ترجمون } قال ابن عباس وابو صالح: الرجم الذي استعاذ منه موسى هو الشتم، كقولهم: هو ساحر كذاب ونحوه، وقال قتادة: هو الرجم بالحجارة. ثم قال لهم { وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون } أي لم تؤمنوا بي، فاللام بمعنى الباء ومعناه وإن لم تصدقوني فى أني رسول الله اليكم وأن ما ادعوكم اليه حق يجب عليكم العمل به فلا أقل من أن تعتزلون بصرف أذاكم عني، لانكم إن لا تجاوزا الاحسان بالاحسان، فلا اساءة. وإنما دعاهم إلى ترك ملابسته بسوء إن اصروا على الكفر ولم يقبلوا إلى الايمان لان هذا أمر يدعو اليه العقل ببديهته ولا يحتاج إلى برهان.