التفاسير

< >
عرض

أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ
٣٧
وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ
٣٨
مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٩
إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ
٤٠
-الدخان

التبيان الجامع لعلوم القرآن

ان قيل: لم لم يجابوا عن شبهتهم فى الآية، ولم يبين لهم أن ذلك لا يلزم، وما الوجه في جوابهم؟ { أهم خير أم قوم تبع } قلنا: من تجاهل فى الحجاج الذي يجري مجرى الشغب الذي لا يعتقد بمثله مذهب لنفي الشبهة فيه، فانه ينبغي أن يعدل عن مقابلته الى الوعظ له بما هو اعود عليه، فلذلك عدل تعالى معهم الى هذا الوعيد الشديد، وقال { أهم } هؤلاء الكفار { خير أم قوم تبع والذين من قبلهم } فانا { أهلكناهم } لما جحدوا الآيات وكفروا بنعم الله وارتبكوا معاصيه فما الذي يؤّمن هؤلاء من مثل ذلك. وقيل: تبع الحميري كان رجل من حمير سار بالجيوش الى الحيرة حتى حيرها، ثم أتى سمرقند فهدمها، وكان يكتب باسم الذي ملك بحراً وبراً وضحا وريحاً، ذكره قتادة. وقال سعيد بن جبير وكعب الاخبار ذم الله قومه، ولم يذمه ونهى أن يسب. وحكى الزجاج: ان تبعاً كان مؤمناً، وان قومه كانوا كافرين. وقيل: انه نظر الى كتاب على قبرين بناحية حمير (هذا قبر رضوي وقبر جي ابني تبع لا يشركان بالله شيئاً) وقيل: سمي تبعاً، لانه تبع من كان قبله من ملوك اليمن. والتبابعة اسم ملوك اليمن.
ثم قال تعالى { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين } أي لم نخلق ذلك لا لغرض حكمي بل خلقناهم لغرض حكمي، وهو ان ننفع به المكلفين ونعرضهم الثواب وننفع سائر الحيوان بالمنافع لهم فيها واللذات. وفي الآية دلالة على من انكر البعث، لانه لو كان على ما توهموه انه لا يجر به الى الجزاء في دار أخرى مع ما فيه من الألم لكان لعباً، لانه ابتدأ باختيار ألم لا يجر به الى عوض.
ثم قال تعالى { وما خلقناهما } يعني السموات والارض { إلا بالحق } قال الحسن معناه الا للحق الذى يصل اليه فى دار الجزاء. وقيل فيه قولان آخران:
احدهما - ما خلقناهما الا بداعي العلم الى خلقهما، والعلم لا يدعو الا الى الصواب.
الثاني - وما خلقناهما الا على الحق الذى يستحق به الحمد خلاف الباطل الذى يستحق به الذم.
ثم قال { ولكن أكثرهم لا يعلمون } بصحة ما قلناه لعدولهم عن النظر فيه، والاستدلال على صحته. وفي ذلك دلالة على بطلان قول من قال: المعارف ضرورية، لانها لو كانت لما نفى تعالى علمهم بذلك.
ثم قال تعالى { إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين } يعني اليوم الذى يفصل فيه بين المحق والمبطل بما يضطر كل واحد منهما الى حاله من حقه او باطله فيشفي صدور المؤمنين ويقطع قلوب الكافرين بما يرون من ظهور الامر وانكشافه، وهو يوم القيامة، وبين انه ميقات الخلق أجمعين وهو من له ثواب وعوض او عليه عقاب يوصله اليه.