التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ
١١
إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ
١٢
وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ
١٣
أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ
١٤
مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ
١٥
-محمد

التبيان الجامع لعلوم القرآن

ست آيات بصري، وخمس في ما عداه، عدّ البصريون { للشاربين } ولم يعده الباقون.
قرأ ابن كثير { أسن } على وزن (فعل). الباقون على وزن (فاعل) ومعناهما واحد، لان المعنى من ماء غير متغير.
لما اخبر الله تعالى انه أهلك الامم الماضية بكفرهم وأن للكافرين أمثالها بين أنه لم كان كذلك؟ فقال { ذلك } أي الذي فعلناه فى الفريقين { بأن الله مولى الذين آمنوا } ينصرهم ويدفع عنهم لأن الله مولى كل مؤمن { وأن الكافرين لا مولى لهم } ينصرهم من عذابه إذا نزل بهم ولا أحد يدفع عنهم لا عاجلا ولا آجلا.
ثم اخبر تعالى انه { يدخل الذين آمنوا } بتوحيده وصدقوا نبيه { وعملوا الصالحات } مضافة اليها { جنات } أي بساتين تجنها الاشجار { تجري من تحتها الأنهار } وقيل: ان أنهار الجنة فى أخاديد من الارض، فلذلك قال من تحتها.
ثم قال { والذين كفروا } بتوحيده وكذبوا رسله { يتمتعون } فى دار الدنيا ويلتذون فيها { ويأكلون } المآكل فيها { كما تأكل الأنعام } أي مثل ما تأكل الانعام والبهائم، لانهم لا يعتبرون ولا ينظرون ولا يفكرون ولا يفعلون ما أوجبه الله عليهم، فهم بمنزلة البهائم. وقيل: إن المعنى بذلك الاخبار عن خستهم فى أكلهم بأنهم يأكلون للشره والنهم، لانهم جهال. ثم قال { والنار مثوى لهم } أى موضع مقامهم الذي يقيمون فيه.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله مهدداً لكفار قومه { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك } يعني مكة { التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } الآن فما الذي يؤمن هؤلاء أن يفعل بهم مثل ذلك. ومعنى (وكأين) (وكم) والأصل فيها (أي) قرية إلا أنها إذا لم تضف تؤنث. ثم قال على وجه التهجين للكفار والتوبيخ لهم { أفمن كان على بينة من ربه } أي حجة واضحة. قال قتادة: يعني محمداً صلى الله عليه وآله. وقال قوم: يعني به المؤمنين الذين عرفوا الله تعالى وأخلصوا العبادة { كمن زين له سوء عمله } من المعاصي زينها لهم الشيطان وأغواهم بها { واتبعوا أهواءهم } أي شهواتهم فى ذلك، وما تدعوهم اليه طباعهم.
ثم اخبر تعالى عن وصف الجنة التي وعد المتقين بها، فقال { مثل الجنة } أي وصف الجنة { التي وعد المتقون } بها { فيها أنهار من ماء غير آسن } أي غير متغير لطول المقام { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } لمثل ذلك { وأنهار من خمر لذة للشاربين } يلتذون بشربها ولا يتأذون بها ولا بعاقبتها { وأنهار من عسل مصفى } من كل أذى { ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم } تلحقهم أي لا يلحقهم فى الجنة توبيخ بشيء من معاصيهم، لان الله قد تفضل بسترها عليهم فصارت بمنزلة ما لم يعمل بابطال حكمها.
وقوله { مثل الجنة } مرفوع بالابتداء، وخبره محذوف، وتقديره ما يتلى عليكم مثل الجنة التي وعد المتقون، ولو جعل المثل مقحماً جاء الخبر المذكور عن الجنة كأنه قيل الجنة التي وعد المتقون فيها كذا وفيها كذا.
وقوله { كمن هو خالد في النار } أي يتساوى من له نعيم الجنة على ما وصفناه ومن هو فى النار مؤبد!؟ ومع ذلك { سقوا ماء حميماً } أي حاراً { فقطع أمعاءهم } من حرارتها، ولم يقل أمن هو فى الجنة لدلالة قوله { كمن هو خالد } عليه. وقيل: معنى قوله { كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميماً فقطع أمعاءهم } أي هل يكون صفتهما وحالهما سواء؟!. ويتماثلان فيه؟! فانه لا يكون ذلك أبداً.