التفاسير

< >
عرض

فَأَثَابَهُمُ ٱللَّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ
٨٥
-المائدة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

معنى { فأثابهم الله } جازاهم الله بالنعيم على العمل كما أن العقاب الجزاء بالعذاب على العمل وأصل الثواب الرجوع. ومنه قوله { هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون } أي هل رجع اليهم جزاء عملهم. وقوله { بما قالوا } يعني قولهم { ربنا آمنا } وقوله { جنات تجري من تحتها الأنهار } إِنما ذكرها بلفظ الجمع وإِن كانت هي جنة الخلد، لأنها جنة فيها جنات أي بساتين، وتذكر بالجمع لتبين عن اختلاف صورها وأحوال أشجارها وأنهارها ووجوه الاستمتاع بها، ووجه آخر: هو أن يكون جمعها مضافاً اليهم كما يقال لهم جنة الخلد إِلا أنها مرة تذكر على طريق الجنس، ومرة على غير طريق الجنس. وقوله { وذلك جزاء المحسنين } (ذلك) إِشارة إلى الثواب.
والاحسان هو إِيصال النفع الحسن الى الغير، وضده الاساءة، وهي إِيصال الضرر القبيح اليه، وليس كل من كان من جهته إِحسان فهو محسن مطلقاً، فالمحسن فاعل الاحسان الخالي مما يبطله، كما أن المؤمن هو فاعل الايمان الخالص مما يحبطه، وعندنا لا يحتاج الى شرط خلوه مما يبطله، لأن الاحباط عندنا باطل، لكن يحتاج أن يشرط فيه أن يكون خالياً من وجوه القبح. وقوله { وذلك جزاء المحسنين } وإِن كان مطلقاً فهو مقيد في المعنى بالمحسنين الذين يجوز عليهم الوعد بالنفع، لأنه وعد به، ألا ترى أن الله تعالى يفعل الاحسان وإِن كان لا يصح عليه الثواب لأنه مضمن بمن يجوز عليه المنافع والمضار فجزاؤه هذه المنافع العظام دون المضار، لأنه خرج مخرج استدعاء العباد الى فعل الاحسان.