التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ أُوْلَـۤئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلْجَحِيمِ
٨٦
-المائدة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

لما كان أهل الكتاب فريقين أحدهما آمنوا، والثاني كفروا، وذكر الوعد للمؤمنين منهم اقتضى أن يذكر الوعيد لمن كفر منهم وأطلق اللفظ ليكون لهم ولكل من جرى مجراهم، وإنما شرط في الوعيد على الكفر بالتكذيب بالآيات وإِن كان كل واحد منهما يستحق به العقاب، لأن صفة الكفار من أهل الكتاب أنهم يكذبون بالآيات، فلم يصلح - ها هنا - لو كذبوا لأنهم قد جمعوا الأمرين، ولأن دعوة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بوعيد الكفار ظاهرة مع مجيء القرآن به في نحو قوله { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فلم يقع فيه اشكال لهذا. وقوله { أولئك } يعني هؤلاء الكفار.
و { أصحاب الجحيم } يعني الملازمون لها، كقولك أصحاب الصحراء وليس كمثل أصحاب الاموال، لأن معنى ذلك ملاك الأموال. وليس من شرط المكذب أن يكون عالماً أن ما كذب به صحيح بل اذا اعتقد أن الخبر كذب سمي مكذباً، وإِن لم يعلم أنه كذب، وإِنما يستحق الذم، لأنه جعل له طريق الى أن يعلم صحة ما كذب به. و { الجحيم } النار الشديدة الايقاد وهو إِسم من أسماء جهنم ويقال: جحم فلان النار اذا شدد ايقادها، ويقال أيضاً لعين الاسد: جحمة لشدة ايقادها، ويقال ذلك للحرب أيضاً قال الشاعر:

والحرب لا تبقى لجا حمها التخيل والمراح
إِلاَّ الفتى الصبار في النجـ دات والفرس الوقاح