التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً
٩
وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً
١٠
فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١١
ٱلَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ
١٢
يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا
١٣
هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ
١٤
أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ
١٥
ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٦
-الطور

التبيان الجامع لعلوم القرآن

ثمان آيات كوفي وشامي، وسبع في ما عداهما، عد الكوفيون والشاميون { دعاً } ولم يعده الباقون.
قوله { يوم تمور السماء موراً } يعني يوم القيامة، وهو متعلق بقوله { إن عذاب ربك لواقع.. يوم تمور السماء موراً } والمور تردد الشيء بالذهاب والمجيء كما يتردد الدخان ثم يضمحل، مار يمور موراً فهو مائر. وقيل: يمور موراً بمعنى يدور دوراً - فى قول مجاهد - وقال الضحاك: معناه يموج موجاً قال الاعشى انشده أبو عبيدة:

كان مشيتها من بيت جارتها مور السحابة لا ريث ولا عجل

ورواه غيره مر السحابة { وتسير الجبال سيراً فويل يومئذ للمكذبين } الذين ينكرون اخبار الله تعالى فهؤلاء الجهال أنكروا ما اخبر به الانبياء بأن نسبوه إلى الكذب { الذين هم في خوض يلعبون } فالخوض الدخول فى الماء بالقدم وشبه به الدخول فى الأمر بالقول، يقال خاض يخوض خوضاً، فهو خائض. وخوضه فى الشراب تخويضاً، ومنه المخوض. واللعب طلب الفرح بمثل حال الصبي فى إنتفاء العمل على مقتضى العقل، لعب لعباً فهو لاعب، ودخلت الفاء في { فويل } لما فيه من معنى الجزاء، لان تقديره إذا كان كذا وكذا فويل، ومعنى الآية إني سأعلمهم بكفرهم وتصير عاقبتهم العذاب.
وقوله { يوم يدعون إلى نار جهنم دعاً } معناه يوم يدعون إلى نار جهنم للعذاب فيها، دعه يدعه دعاً إذا دفعه. ومثله صكه يصكه صكاً، والداع الدافع وقيل: الدع الدفع بانزعاج وإرهاق - في قول قتادة والضحاك -.
وقوله { هذه النار التي كنتم بها تكذبون } أي يقال لهم على وجه التوبيخ: هذه النار التي كنتم تكذبون بها في دار التكليف حين جحدتم الثواب والعقاب والنشور. ويقال لهم على وجه الانكار عليهم { أفسحر هذا } قد غطى على ابصاركم { أم أنتم لا تبصرون } ثم يقال لهم { اصلوها } يعني النار { فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم } كونكم في العقاب صبرتم أو لم تصبروا، فانه لا يحيف عليكم { إنما تجزون ما كنتم } أي جزاء ما كنتم { تعملون } في الدنيا من المعاصي والصلي لزوم النار المعذب بها صلى يصلي صلياً، ومنه الصلاة للزوم الدعاء فيها، ومنه:

صلى على دنها وارتسم

أي لزم، والمصلي الذي يجيء في اثر السابق على لزوم أثره والأصل لزوم الشيء، والصبر حبس النفس على الأمر بالعمل فكأنه قال: احبسوا أنفسكم على النار لتعاملوا بالحق او لا تحبسوا سواء عليكم في ان الجزاء لا محالة واقع بكم ولا حق لكم. والجزاء مقابلة العمل بما يقتضيه في العقل من خير او شر. والسواء والاستواء والاعتدال بمعنى واحد. والاستواء إمتناع كل واحد من المقدارين من ان يكون زائداً على الآخر او ناقصاً عنه، فالصبر وترك الصبر لا ينفع واحد منهما في رفع العذاب عن أهل النار.