التفاسير

< >
عرض

أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ
٢١
تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ
٢٢
إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ
٢٣
أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ
٢٤
فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ
٢٥
-النجم

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ اهل مكة { ضئزى } مهموز إلا ابن فليح. الباقون بلا همز.
يقول الله تعالى على وجه الانكار على كفار قريش الذين أضافوا إلى الله تعالى الملائكة بأنهم بنات الله، فقال لهم: كيف يكون ذلك وانتم لو خيرتم لاخترتم الذكر على الأنثى، فكيف تضيفون إليه تعالى ما لا ترضون لانفسكم، فقد أخطأتم فى ذلك من وجهين: احدهما - أنكم أضفتم اليه ما يستحيل عليه ولا يليق به، فهو قسم فاسد غير جائز. الثاني - أنكم اضفتم اليه ما لا ترضون لانفسكم، فكيف ترضونه لله تعالى. وقيل: إنما فضل الذكر على الانثى لان الذكر يصلح لما لا تصلح له الانثى. وينتفع به في ما لا ينتفع فيه بالانثى، ولهذا لم يبعث الله نبياً من الأناث.
وقوله { تلك إذا قسمة ضيزى } أي تلك قسمة فاسدة غير جائزة بأن تجعلوا لانفسكم الأفضل ولربكم الأدون، ولو كان ممن يجوز عليه الولد لما اختار الأدون على الأفضل، كما قال
{ { لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفىٰ مما يخلق ما يشاء } فهذا على تقدير الجواز لا على صحة الجواز. والضيزة الجائرة الفاسدة ووزنه (فعلى) إلا أنه كسر أوله لتصح الياء من قبل انه ليس في كلام العرب (فعلى) صفة، وصفة (فعلى) نحو (حبلى) يحمل على ما له نظير. وأما الاسم فانه يجيء على (فعلى) كقوله { { فإن الذكرى } وتقول العرب ضزته حقه أضيزه وضأزته - لغتان - إذا أنقضته حقه ومنعته، ومنهم من يقول: ضزته - بضم الضاد - أضوزه، وانشد ابو عبيدة والاخفش:

فان تنأعنا ننتقصك وان تغب فسهمك مضؤز وانفك راغم

ومنهم من يقول: ضيزى - بفتح الضاد - ومنه من يقول - ضأزى بالفتح والهمز، ومنهم من يقول: ضؤزى - بضم الضاد والهمزة - وقال ابن عباس وقتادة { قسمه ضيزى } جائرة. وقال سفيان: منقوصة.
ثم قال ان تسميتكم لهذه الاصنام بأنها آلهة وللملائكة بأنها بنات الله { ما هي إلا أسماء سميتموها أنتم وأباؤكم } بذلك { ما أنزل الله بها من سلطان } يعني من حجة ولا برهان إن يتبعون أي ليس يتبعون فى ذلك { إلا الظن } الذي ليس بعلم { وما تهوى الأنفس } أي وما تميل اليه نفوسكم { ولقد جاءهم من ربهم الهدى } عدل عن خطابهم إلى الاخبار عنهم بأنهم قد جاءهم الهدى يعني الدلالة على الحق.
وقوله { أم للإنسان ما تمنى } قيل معناه: بل لمحمد صلى الله عليه وآله ما تمنى من النبوة والكرامة. وقيل التقدير أللانسان ما تمنى؟! من غير جزاء. لا، ليس الامر كذلك، { فلله الآخرة والأولى } يعطي من يشاء ويمنع من يشاء. وقال الجبائي معناه ليس للانسان ما تمنى من نعيم الآخرة ونعيم الدنيا، وإنما المالك لذلك الله تعالى المالك للسموات والارض، لا يعطي الكفار ما يتمنونه، وإنما يعطي الثواب من يستحقه.