التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٧
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٨
إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ
١٩
تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ
٢٠
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
٢١
-القمر

التبيان الجامع لعلوم القرآن

أقسم الله تعالى بأنه يسر القرآن للذكر، والتيسير للشيء هو تسهيله، وأخذه بما ليس فيه كثير مشقة على النفس، فمن سهل له طريق العلم فهو حقيق بالحظ الجزيل منه، لان التيسير أكبر داع اليه، وتسهيل القرآن للذكر خفة ذلك على النفس لحسن البيان وظهر البرهان فى الحكم السنية والمعاني الصحيحة الموثوق بها لمجيئها من الله تعالى، وإنما صار الذكر من اجل ما يدعى اليه ويحث عليه، لأنه طريق العلم، لأن الساهي عن الشيء او عن دليله لا يجوز أن يعلمه فى حال شهوة، فاذا تذكر الدلائل عليه والطريق المؤدية اليه فقد تعرض لعلمه من الوجه الذي ينبغي له.
وقوله { فهل من مدكر } معناه فهل من متعظ معتبر بذلك ناظر فيه.
ثم قال { كذبت عاد } يعني بالرسول الذي بعثه اليهم، وهو هود عليه السلام فاستحقوا الهلاك فاهلكهم الله { فكيف كان عذابي } لهم و { نذر } أي وإنذاري إياهم. ثم بين كيفية إهلاكهم فقال { إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً } وهي الشديدة الهبوب حتى يسمع في صوتها صرير، وهو مضاعف صرّ مثل كب وكبكب ونهه ونهنهه، وقال ابن عباس وقتادة والضحاك: كانت ريحاً باردة. وقال ابن زيد وسفيان: كانت شديدة.
وقوله { في يوم نحس } يعني يوم شؤم - في قول قتادة - { مستمر } أى استمر بهم العذاب إلى نار جهنم - في قول قتادة - وقوله { تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر } معناه تقتلع هذه الريح الناس ثم ترمي بهم على رؤسهم فتدق رقابهم فيصيرون كأنهم أعجاز نخل، لان رؤسهم سقطت عن أبدانهم - في قول مجاهد - وقيل: استمرت بهم الريح سبع ليال وثمانية أيام حتى اتت عليهم شيئاً بعد شيء. وقيل { تنزع الناس } من حفر حفروها ليمتنعوا بها من الريح. وقال الحسن: فيه اضمار تقديره تنزع أرواح الناس، واعجاز النخل أسافله. والنخل يذكر ويؤنث، والمنقعر المنقلع من أصله، لان قعر الشيء قراره المستقل منه، فلهذا قيل للمنقطع من أصله: منقعر، يقال: انعقر إنعقاراً، وقعره تقعيراً، وتقعر - في كلامه - تقعراً إذا تعمق. { فكيف كان عذابي ونذر } تعظيم للعذاب النازل بهم. والانذار في الآية هو الذى تقدم اليهم به. وفائدة الآية التحذير من مثل سببه لئلا يقع بالمحذر مثل موجبه.