التفاسير

< >
عرض

وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ
١٢٠
-الأنعام

التبيان الجامع لعلوم القرآن

الواو في قوله { وذروا }، واو العطف ولا يستعمل "وذر" لما مضى ولا "واذر" لاسم الفاعل واستغني عنه بـ (ترك) وانما يستعمل منه يذر و (ذر) وامثاله ومثله (يدع) لم يستعمل منه (فَعَل) ولا (فاعل) استغنوا أيضا بـ (ترك) و (تارك) وأشعروا بذلك كراهية الواو في الابتداء حتى لم يزيدوها هناك أصلا مع زيادتهم أخواتها. والظاهر هو الكائن على وجه يمكن ادراكه. والباطن هو الكائن على وجه يتعذر ادراكه.
أمر الله تعالى في هذه الآية بترك الاثم مع قيام الدلالة على كونه اثما، ونهى عن ارتكابه سرا وعلانية، وهو قول قتادة والربيع بن أنس ومجاهد، لان الجاهلية كانت ترى ان الزنا اذا أظهر واعلن كان فيه اثم، فاذا اسْتَسَرَّ به صاحبه لم يكن اثما - ذكره الضحاك - وقال الجبائي الظاهر أفعال الجوارح، والباطن أفعال القلوب. وقال غيره: الظاهر الطواف بالبيت عريانا والباطن الزنا. والاول أعم على ما قلناه - ذكره ابن زيد - وقال قوم: ظاهر الاثم الزنا، وباطنه اتخاذ الاخدان - ذكره السدي والضحاك - وقال سعيد بن جبير ظاهر الاثم امرأة الاب وباطنه الزنا.
أمر الله تعالى باجتناب الاثم على كل حال، ثم أخبر أن الذين يكسبون الاثم يعني المعاصي والقبائح وسيجازيهم الله يوم القيامة بما كانوا يرتكبونه. وقد بينا أن معنى الاقتراف هو معنى الاكتساب. والكسب هو فعل ما يجتلب به نفع الى نفسه أو يدفع به ضرر، ولذلك يوصف الواحد منا بأنه مكتسب ولا يوصف الله تعالى به، والكواسب الجوارح من الطير، لانها تكسب ما ينتفع به.