المعنى بقوله {فإن كذبوك} قيل فيه قولان:
احدهما - قال مجاهد والسدي: انهم اليهود، لانهم زعموا أنهم حرموا الثروب، لان اسرائيل حرمها على نفسه، فحرموها هم اتباعا له دون ان يكون الله حرم ذلك على لسان موسى.
الثاني - انه يرجع الى جميع المشركين في قول الجبائي وغيره على ظاهر الآية، فقال الله لنبيه {فإن كذبوك} يا محمد في اني حرمت ذلك على اليهود على لسان موسى {فقل} لهم {ربكم ذو رحمة واسعة} واقتضى ذكر الرحمة أحد امرين:
الاول - انه برحمته أمهلهم مع تكذيبهم، بالمؤاخذة عاجلا - في قول أبي علي الجبائي -.
الثاني - انه ذكر ذلك ترغيبا لهم في ترك التكذيب وتزهيدا في فعله وانما قابل بين لفظ الماضى في قوله {كذبوك} بالمستقبل في قوله {فقل} لتأكيد وقوع القول بعد التكذيب اذ كونه جوابا يدل على ذلك. و {ذو} بمعنى صاحب. والفرق بينهما ان احدهما يصح ان يضاف الى المضمر، ولا يصح في الآخر، لان {ذو} وصلة الى الصفة بالجنس، ولذلك جعل ناقصا لا يقوم بنفسه دون المضاف اليه، والمضمر ليس بجنس ولا يصح ان يوصف به.
وقوله {ولا يرد بأسه} معناه لا يمكن احدا أن يرده عنهم، وهو أبلغ من قوله بأسه نازل بالمجرمين، لانه دل على هذا المعنى وعلى ان أحدا لا يمكنه ردُّه. وقوله {عن القوم المجرمين} معناه ان أحدا لا يتمكن من ردِّ عقاب الله عن العصاة المستحقين للعقاب مع انه تعالى ذو رحمة واسعة.