التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٦٢
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ
١٦٣
-الأنعام

التبيان الجامع لعلوم القرآن

أسكن الياء من { محياي } أهل المدينة. قال ابو علي الفارسي: اسكان الياء من { محياي } شاذ خارج عن القياس والاستعمال، فشذوذه عن القياس ان فيه التقاء الساكنين، ولا يلتقيان على هذا الحد، وشذوذه عن الاستعمال انك لا تجده في نظم ولا نثر الا شاذا. ووجهه ما حكى بعض البغداديين انه سمع او حكي له: التقت حلقتا البطان باسكان الالف مع سكون لام المعرفة، وحكى غيره: له ثلثا المال وليس هذا مثل قوله { حتى إذا أداركوا فيها } } لان هذا في المنفصل مثل دأبه في المتصل. ومثل ما أجاز يونس من قوله: اضربان زيدا، وسيبويه ينكر هذا من قول يونس. قال الرماني: ولو وصله على نية الوقف جاز.
امره ان يقول لهؤلاء الكفار { إن صلاتي ونسكي } وقد فسرنا معنى الصلاة فيما مضى.
وقيل في معنى و { نسكي } ثلاثة أقوال:
احدها - قال سعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والسدي والضحاك: ذبيحتي في الحج والعمرة. وقال الحسن { نسكي } ديني. وقال الزجاج والجبائي { نسكي } عبادتي. قال الزجاج: والاغلب عليه امر الذبح الذي يتقرب به الى الله. ويقولون: فلان ناسك بمعنى عابد. وانما ضم الصلاة الى اصل الواجبات من التوحيد والعدل لان فيها التعظيم لله عند التكبير، وفيها تلاوة القرآن التي تدعو الى كل بر، وقرر فيها الركوع والسجود وهما خضوع لله. وفيها التسبيح وهو تنزيه لله.
وقوله { ومحياي ومماتي } يقولون حيي يحيا حياة ومحيا، ومات يموت موتا ومماتا. وانما جعل للفعل الواحد مصادر في الثلاثي لقوَّته، ولانه الاكثر الاغلب. وانما جمع بين صلاته وحياته، واحدهما من فعله، والآخر من فعل الله، لانهما جميعا بتدبير الله تعالى وان كان احدهما من حيث ايجاده واعدامه لما فيه من الصلاح. ووجه ضم الموت الى اصل الواجب الرغبة الى من يقدر على كشفه الى الحياة في النعيم الدائم بطاعته في اداء الواجبات.
وقوله { لا شريك له } فالشركة هي تلك المساهمة، فلما كان عبدة الاوثان جعلوا العبادة على هذه الصفة كانوا مشركين في عبادة الله، فأمر الله ان ينفي عنه هذا الشرك ويقول { لا شريك له }. والمعنى لا يستحق العبادة سواه. ثم امره بأن يقول اني أمرت بذلك يعني بنفي الاشراك مع الله وتوجيه العبادة اليه تعالى وحده { وأنا أول المسلمين } قال الحسن: معناه اول المسلمين من هذه الامة. وبه قال قتادة وبيَّن ذلك لوجوب اتباعه (صلى الله عليه وسلم) ولبيان فضل الاسلام اذا كان اول مسارع اليه نبينا (صلى الله عليه وسلم) ومعنى الآية وجوب نفي الشرك عن الله ووجوب اعتقاد بطلانه واخلاص العبادة اليه تعالى.