التفاسير

< >
عرض

وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ
٥٥
-الأنعام

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ اهل الكوفة الا حفصا و { ليستبين } بالياء. الباقون بالتاء. وقرأ اهل المدينة "سبيل" بالنصب. الباقون بالرفع.
من قرأ بالتاء ورفع السبيل، فلأن السبيل يذكر ويؤنث، فالتذكير لغة تميم، والتأنيث لغة أهل الحجاز فأنث - ها هنا - كما قال
{ قل هذه سبيلي } }. ومن قرأ بالياء فانه ذكرَّ السبيل، لانه الطريق. وهو يذكر، كما قال { وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا } }. ومن قرأ بالتاء، ونصب (السبيل) أراد أن يكون خطابا للنبي (صلى الله عليه وسلم) كأنه قال: ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين. والنبي (صلى الله عليه وسلم) وان كان مستبينا لطريق المجرمين عالما به فيجوز أن يكون ذلك على وجه التأكيد، ولان يستديم ذلك. ويحتمل أن يكون المراد به الامة، فكأنه قال ليزداد استبانة، ولم يحتج ان يقول: ولتستبين سبيل المؤمنين، لان سبيل المجرمين اذا بانت، فقد بان معها سبيل المؤمنين، لانها خلافها. ويجوز ان يكون المراد، ولتستبين سبيل المجرمين ولتستبين سبيل المؤمنين، وحذف أحدى الجملتين لدلالة الكلام عليه، كما قال { سرابيل تقيكم الحر } ولم يقل تقيكم البرد، لان الساتر يستر من الحر والبرد، لكن جرى ذكر الحر، لانهم كانوا في مكانهم أكثر معاناة له من البرد، وكذلك سبيل المجرمين، خص بالذكر، لان الكلام في وصفهم، وترك ذكر المؤمنين لدلالة الكلام عليه. وهذه الآية معطوفة على الآيات التي احتج الله بها على مشركي العرب، وغيرهم فلذلك قال { وكذلك } أي كما قدمنا { نفصل الآيات } أي نميزها ونبينها ونشرحها لتلزمهم الحجة و { لتستبين سبيل } من عاند بعد البيان أو ذهب عن فهم ذلك بالاعراض عنه لمن أراد التفهم منهم، ومن المؤمنين ليجانبوها ويسلكوا غيرها.