التفاسير

< >
عرض

قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ
٦٥
-الأنعام

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا أمر من الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وسلم) أن يقول لهؤلاء الكفار: ان الله قادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم نحو الحجارة التي أمطرها على قوم لوط، والطوفان الذي غرق به قوم نوح { أو من تحت أرجلكم } نحو الخسف الذي نال قارون ومن خسف به { أو يلبسكم شيعا } معنى يلبسكم يخلط أمركم خلط اضطراب، لا خلط اتفاق يقال: لبست عليه الامر ألبسه اذا لم تبينه، وخلطت بعضه ببعض، ومنه قوله { وللبسنا عليهم ما يلبسون } ويقال لبست الثوب ألبسه. ومعنى { شيعا } أي يجعلكم فرقا لا تكونون شيعة واحدة فاذا كنتم مختلفين قاتل بعضكم بعضا وهو معنى قوله { ويذيق بعضكم بأس بعض } وانما يلبسهم الله شيعا بأن يكلهم الى أنفسهم ولا يلطف لهم اللطف الذي يؤمنون عنده ويخليهم من ألطافه بذنوبهم السالفة، فيلبس عند ذلك عليهم أمرهم، فيختلفوا حتى يذوق بعضهم بأس بعض. ثم أكد الاحتجاج عليهم، فقال: { أنظر كيف نصرف الآيات } لتفقهوا.
وقال الحسن: الآية متناولة، لاهل الكتابين في التهديد بالخسف، وانزال العذاب { أو يلبسكم شيعا } يتناول أهل الصلاة. وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
"سألت ربي أن لا يظهر على أمتي أهل دين غيرهم فأعطاني، وسألته ألا يهلكم جوعا فأعطاني، وسألته أن لا يجمعهم على ضلالة، فأعطاني، وسألته أن لا يلبسهم شيعا، فمنعني ذلك" .
وفي الآية دلالة على أنه تعالى أراد من الكفار الايمان، لانه قال: فعلت هذا بهم { لعلهم يفقهون } ومعناه لكي يفقهوا، لان معنى الشك لا يجوز عليه تعالى. واذا ثبت أنها دخلت للغرض ثبت أنه أراد ان يؤمنوا به ويوحدوه، ويفقهوا أدلته ويعرفوها.
وروي عن ابي عبد الله (ع) أنه قال معنى { عذابا من فوقكم } السلطان الجائر { ومن تحت أرجلكم } السفلة، ومن لا خير فيه { أو يلبسكم شيعا } قال: العصبية { ويذيق بعضكم بأس بعض } قال سوء الجوار، ويكون معنى البعث على هذا الوجه التمكين ورفع الحيلولة دون أن يفعل ذلك أو يأمر به، يتعالى الله عن ذلك.