التفاسير

< >
عرض

قَالَ فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّاغِرِينَ
١٣
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قوله { قال فاهبط منها } حكاية لقول الله تعالى لابليس وأمره إِياه أن يهبط منها، وما بعد القول وإِن كان استئنافاً والفاء لا يستأنف بها وانما يكون كذلك، لأن ما قيل له بعد جوابه الذي أجاب به، فهو حكاية ما كان من الكلام له الثاني بعد الاول.
والهبوط والنزول واحد. وفرق بينهما بأن النزول يقتضي تنزله الى جهة السفل بمنزلة بعد منزلة، وليس كذلك الهبوط، لأنه كالانحدار في المرور الى جهة السفل، وكأن الانحدار دفعة واحدة، كما قال الشاعر:

كل بني حرة مصيرهم قل وإِن أكثروا من العدد
إِن يغبطوا يهبطوا وإِن أمّروا يوماً فهم للفناء والفند

وقيل في الضمير الذي في قوله { منها } قولان:
احدهما - قال الحسن: إِنه كناية عن السماء، لأنه كان في السماء فاهبط منها.
الثاني - قال أبو علي: كناية عن الجنة.
فان قيل من أين علم ابليس أن الله تعالى قال له هذا القول؟
قلنا عنه جوابان: أحدهما - قال ابو علي: إِنه قال له على لسان بعض الملائكة.
الثاني - أنه رأى معجزة تدله على ذلك.
وقوله { فما يكون لك أن تتكبر فيها } معناه ليس لك أن تتكبر فيها، والتكبر إِظهار كبر النفس على جميع الاشياء، فهو في صفة العباد ذم، وفي صفة الله مدح، كما قال تعالى
{ الجبار المتكبر } فالجبار القاهر لجميع الاشياء. والمتكبر الدال بذاته على أنه أكبر من جميع الاشياء. وقوله { فاخرج إنك من الصاغرين } أمر من الله لابليس بالخروج، لأنه من الصاغرين. والصاغر هو الذليل بصغر القدر، صغر يصغر صغراً وصغاراً، وتصاغرت اليه نفسه ذلاً ومهانة، والأصل الصغر.