التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُفْتَرِينَ
١٥٢
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

في هذه الآية حذف، وتقديره إِن الذين اتخذوا العجل إِلهاً ومعبوداً سينالهم غضب، فحذف لدلالة الكلام عليه، وقوله في موضع آخر { فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار فقالوا هذا إِلهكم وإِله موسى فنسي } }. أخبر الله تعالى في هذه الآية أن الذين اتخذوا العجل إِلهاً وعبدوه من دون الله سينالهم غضب، ومعناه فسيلحقهم، والنول اللحوق وأصله مدُّ اليد الى الشىء الذي يبلغه، ومنه قولهم: نولك أن تفعل كذا أي ينبغي أن تفعله فانه يلحقك خيره ونواله. وتقول: ناوله مناولة، وتناول تناولا، وأناله إِنالة.
وقوله { غضب من ربهم } يعني عقاب من الله تعالى وإِنما ذكر الغضب مع الوعيد بالنار لانه ابلغ في الزجر عن القبيح، كما أن ارادة الحسنة في الدعاء اليها والترغيب فيها أبلغ من الاقتصار على الوعد بها.
وقوله { وذلة في الحياة الدنيا } بمعنى صغر النفس والاهانة، يقال: ذل يذل ذلة، اذله إِذلالاً، وتذلل تذللاً، وذلـله تذليلاً، واستذله استذلالاً.
وقيل المراد به ما يؤخذ منهم من الجزية على وجه الصغار.
وقوله { وكذلك نجزي المفترين } إِخبار منه تعالى أنه مثل هذا الوعيد والعذاب والغضب يجزي الكاذبين والمتخرصين عليه، وإِنما كان عبادة غير الله كفراً لأنه تضييع لحق نعمة الله كتضييعه بالجحد للنعمة في عظم المنزلة، وذلك لما ينطوي عليه من تسوية من أنعم بأجل النعمة بمن لم ينعم، وفى ذلك إِبطال لحق النعمة.