التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ
٢٠٦
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

بين الله تعالى ان الذين عنده، وهم الملائكة، ومعناه انهم عنده بالمنزلة الجليلة لا بقرب المسافة، لأنه تعالى ليس في مكان ولا جهة فيقرب غيره منه، لأن ذلك من صفات الأجسام، وهذا حث منه على الطاعة والاستكانة والخضوع له، لأن الملائكة مع فضلها وارتفاع منزلتها إذا كانت لا تستكبر عن عبادته بل تسبحه دائماً وتسجد مثل ذلك فبنوا آدم بذلك اولى واحق ولهم أوجب والزم.
قال الجبائي معنى { عند ربك } إنهم في المكان الذي لا يملك فيه الحكم بين الخلق سواه لأنه ملك عباده الحكم في الارض على وجه حسن. قال: ويجوز ان يكون المراد بذلك أنهم رسله الذين يبعثهم في أمور الانس، واذا كانوا رسله جاز أن ينسبهم إلى نفسه فيقول: إنهم عنده، كما يقال: عند الخليفة جيش كثير، ولا يراد به في مكانه، ولا بالقرب منه، وإنما يراد انهم اصحابه وإن كانوا متفرقين في البلاد. وقال الزجاج: من قرب من رحمة الله وفضله فهو عند الله اي قريب من تفضله وإحسانه.
وهذا اول سجدات القرآن، وهي - عندنا - مستحبة غير واجبة وفي ذلك خلاف بين الفقهاء ذكرناه في الخلاف.
وسبب نزول الآية ان قريشاً لما قالت: وما الرحمن؟ أنسجد لما تأمرنا؟! نزلت هذه الآية.