التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ
٩٤
-الأعراف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لم يرسل رسولا الى اهل قرية الا واخذ أهلها بالباساء والضراء تغليظا في المحنة وتشديدا للتكليف ليليِّن قلوبهم، ولكي يتضرعوا الى ربهم في كشف ما نزل بهم في ذلك، وانما يفعل بهم ذلك لعلمه بما لهم فيه من الصلاح لكي يتضرعوا. والقرية أصلها الجمع من قولهم: قريت الماء أقريه قريا اذا جمعته، فالقرية مجتمع الناس في المنازل المتجاورة مما هو دون المدينة، وكذلك تسمى المدينة أيضا قرية. والنبي هو الذي يؤدي عن الله تعالى بلا واسطة من البشر، وقيل: هو من كان ينبىء بالوحي عن الله تعالى مما أنزله عليه.
وقيل: في معنى { بالبأساء والضراء } ثلاثة أقوال:
احدها - ان البأساء ما نالهم من الشدة في أنفسم، والضراء ما نالهم في أموالهم.
والثاني - ما قال الحسن: ان البأساء الجوع، والضراء الآلام من الامراض والشدائد التي تصيبهم.
الثالث - قال السدي: ان البأساء الجوع والضراء الفقر.
وقيل في معنى { لعلهم } قولان:
احدهما - انما عاملناهم معاملة الشاك في ايراد أسباب التضرع مظاهرة عليهم في الحجة.
الثاني - ان يكون (لعل) بمعنى اللام وتقديره ليضرعوا. واصل { يضَّرعون } يتضرعون فادغمت التاء في الضاد ولا يدغم الضاد في التاء، لأن في التاء استطالة، وانما يدغم الناقص في الزائد، ولا يدغم الزائد في الناقص لما في ذلك من الاخلال.